خلال دورات معرض الرياض الدولي للكتاب تستضيف دور النشر العربية ذات الإنتاج المستمر الموفرة للثقافة العربية جديد الكتب لرواد المعرض كل عام. وفي كل عام تعد اللجنة التنظيمية والإدارية بإتاحة الفرص لدور النشر العربية غير المشاركة من قبل، ولكن تبقى أكثر مساحات الأجنحة للمؤسسات الرسمية والخاصة بعضها محدد في مجالات الكتب وبعضها متوفر في الأسواق المحلية على مدار العام إلا أنه في كل دورة للمعرض تتزايد مشاركة مؤسسات رسمية، وفي أكثرها ذات إنتاج محدود وضعيف الإقبال، إضافة إلى المكتبات التجارية المعتمدة على توزيع كتب دور النشر الأخرى وفي أغلبها محلية. وفي هذا الاستطلاع نقدم بعض الأسئلة التي أجابت عليها كل من الكاتبة والروائية أميمة الخميس، والإعلامية أسماء العبودي، والقاصة أحلام الزعيم، كما ستتوالى استطلاعات أخرى تواكب الاستعداد لمعرض الرياض الدولي للكتاب. تطرح هذه الأسئلة بعض الهموم الدائمة عن ملاحظة مسألة انعدام التوازن في مشاركة دور النشر العربية والمساحات المتاحة إضافة إلى الإجراءات الإدارية التي تؤخر بعض الاستعدادات والتجهيزات المفترضة بينما تتاح مساحات أكبر لمؤسسات رسمية ومحلية بعضها مكتبات لا دور نشر متواجدة على مدار العام في سوق الكتاب سواء في المكتبات أو محال بيع المطبوعات اليومية والدورية في المراكز التجارية. كما يقدم هذا الاستطلاع إجابات عن الأولوية لدى زائر/ زائرة المعرض وسعيه إلى المؤسسات الرسمية والخاصة أم دور النشر العربية؟، وعن مستوى الإقبال عليها لكون المتوافرة في المكتبات التجارية مقابل أجنحة دور لنشر العربية كما أسلفنا، وهناك بعض الاقتراحات وبعض التمنيات. *** تقدم لنا الكاتبة والروائية أميمة الخميس التي سوف يستقبل رواد المعرض كتابها الجديد "ماضي مفرد مذكر" عن مؤسسة الانتشار العربي"رؤيتها حيال هذا الموضوع فتؤكد لنا: "هي ليست بملاحظة ولكنها أصبحت أحد العثرات التنظيمية المزعجة التي تشكو منها دور العرض العربية الراغبة في المشاركة من الخارج فيعتذر لهم المنظمون بضيق الحيز وقلة الأماكن المتاحة للتأجير ونفاذها، اضافة إلى غلاء المتر مقارنة بسعره داخل معارض الكتاب في بقية العالم العربي، والشكوى هنا يردفها تذمر من رواد المعرض أنفسهم الذين يحاولون الحصول على اصدارات وكتب جديدة لم تصل إلى السوق المحلية فيفاجأون أن بضاعتهم المحلية قد التهمت الأرفف واحتلتها على حساب دور النشر الخارجية". وفي رأيها حول أولوية زوار المعرض سواء قصده دور النشر العربية عن المحلية فتقول: "بالطبع من حق كل جهة أن يكون لها اصدرات ونشرات تعرض وتسوق لمجهوداتها داخل حيز يستقطب كم هائل من الرواد سنويا، لكن أيضا هذا قد يتقاطع مع الأهداف الثقافية وراء تنظيم معرض الكتاب سنويا التي منها توسيع الشرفة التي يطل منها القارئ المحلي على الاصدارات الثقافية والإبداعية في العالم العربي بل العالم ككل، على حين أن الاصدارات المحلية موجودة على أرفف المكتبات وبين يدي القاريء طوال العام. أميمة الخميس بل المفارقة هنا أننا نجد مؤسسات ليست بإكاديمية ولا تتعلق بالفعل الثقافي وصناعة النشر ومع هذا احتلت واجهات كبرى واقتطعتها لعرض أنشطتها الميدانية ومنجزها في ميدان العمل من خلال رسالة إيديولوجية زاعقة لا تنسجم مع الهدف الحضاري والثقافي الرئيس الذي تقوم عليه فكرة معرض الكتاب". وتقدم اقتراحاً إلى المسؤولين عن المعرض في اللجنة لتنظزيمية والإدارية: "أن يكون موقع المؤسسات الحكومية المحلية غير المختصة بالعمل الثقافي أو صناعة النشر، خارج قاعة العروض في صالة مستقلة قد يمر بها رواد المعرض في دخولهم وخروجهم وبالتالي تتحق أهدافهم الترويجية، ولكن في الوقت نفسه لا يلتهمون القاعة الرئيسية ويبقون الفتات لدور نشر عريقة يترقبها ويحرص عليها المتابع والقارئ المحلي". وتشير إلى تطلعها "أن يحقق معرض الرياض الدولي للكتاب المزيد من النضج على المستوى التنظمي والإداري، والمزيد من فضاءات الإبداع المثرية على مستوى الأنشطة المصاحبة". *** ننتقل إلى الكاتبة والإعلامية أسماء العبودي الصوت الإعلامي لمعرض الرياض الدولي للكتاب حيث تلاحظ "أن مشاركة المؤسسات الرسمية ليس سوى أمرا شكليا، وليس هناك أي اقبال أو حتى زيارة لهذه المقرات". وحين سألناها عن الأولوية لدى زائر/ زائرة المعرض أهي المؤسسات الرسمية والخاصة أم دور النشر العربية ؟ أجابت: "أؤكد في أي معرض للكتاب ستكون الأولوية لدور النشر العربية التي تحرص دائما على جلب الجديد من مطبوعاتها لتسويقها في المعرض، والقارئ والزائر للمعرض سيتجه مباشرة لدور النشر العربية، أما المؤسسات الرسمية والخاصة فهي متواجدة داخل الوطن طوال العام وبمقدور من يرغب زيارتها في أي وقت". أحلام الزعيم وتضيف أيضاً: "لم أصادف يوما من يبحث أو يسأل عن إصدارات المؤسسات الرسمية، ففي الغالب إصداراتها إن كانت حكومية فهي توزع مجانا وخاصة أنها فقط مجلات دورية تعني فقط بإنجازات المؤسسة الرسمية أو أن تصدر ملحق خاص لأي مناسبة، وهذه الإصدارات في الغالب للاطلاع وليس للاقتناء". وتجيب عن سؤالنا كيف يمكن وضع اقتراحات لتنظيم أمر المشاركات من دون طغيان المحلية على العربية؟ فتقول :"أعتقد أن تخصيص الممر الخارجي للمعرض قبل الدخول للصالة مكان مهيأ جدا لوضع أجنحة لهذه المؤسسات، وخاصة أنها لا تدخل ضمن من يستأجر المكان، ولا تعتمد على البيع داخل المعرض، إلا فيما ندر". وباعتبارها إحدى المعنيات بنشاط وفعاليات المعرض حيث سألناها عن ماذا تنتظرين من المعرض سواء حول مشاركة دور النشر أو البرنامج المصاحب للمعرض؟ فقالت: "كمهتمة بالكتاب وبالقراءة، أتوقع كثيرا ودائما حجم توقعاتنا لا يتناسب مع الواقع، إنما أصبح المعرض في السنوات الأخيرة مميزا ويتجه للأفضل، واتوقع أن تكون هناك رقابة على الأسعار بشكل أفضل من حيث التنظيم والوقت، وأتمنى أن تكون الجهات الرقابية على المعرض محصورة فقط من إدارة المعرض، وأن تتم استضافة دور نشر جديدة ومتميزة، وأن يفسح المجال لدور النشر الكبيرة التي عليها إقبال بمساحة أكبر تتناسب مع مكانة معرض الرياض الدولي التي وصل إليها بشهادة الناشرين والعارضين، كما أتمنى أن يلغى السقف الرقابي حيث لم يعد هناك أهمية في الوقت الحاضر في ظل وجود تقنية الانترنت". *** وتشاركنا في هذا الاستطلاع القاصة أحلام الزعيم التي تمثل الجيل الجديد حيث تبدي لنا التالي: "في كل عام آمل أن تتغير طريقة تنظيم المعرض غير أن الواقع خلال الثلاث السنوات الأخيرة لم يضف إلا أقل القليل من التغيرات، أكاد أجزم أن التغير انصب على تغير اسماء الممرات وركن الدولة الضيفة وتوسيع المؤسسات الرسمية التي لا أتمنى - والأماني لا تتحقق بنسبة 90% - أن ألتقيها أو أراها هذا العام. وكم أتمنى - بما أن هذا الفعل الوحيد المتاح لي - أن يقام معرض آخر مستقل وبعيد ومنفصل تماما لأنشطة المؤسسات الرسمية ليكون مرجعا ومزارا لمن يهتم في أمر هذه المؤسسات والتي ليست وظيفتها الأساسية النشر في معظمها. أعتقد أن زائر معرض الكتاب يتطلع بالدرجة الأولى إلى دور النشر العربية - رغم أنها في معظمها تحظى بتوزيع أفضل لمطبوعاتها من الدور المحلية - لكنها تبقى الأثرى إنتاجية والأكثر احترافية والأقرب إلى الأهداف الحقيقية للنشر. فهي على الأقل أدق تخصصا من دور النشر لدينا التي تطبع كتاب طبخ ورواية وكتاب مختارات الأدعية وكتاب قصص وكتاب رسائل جوال في وقت واحد!". وعن تباين المشاركة بين دور النشر العربية والمحلية تقول الزعيم: "بالنسبة للمؤسسات آمل أن توفر مساحتها لدور النشر العربية، ومن يحتاج منها شيء أنا أضمن أنه سيزورها خصيصا لهذا الغرض فهي مستقرة في الرياض وليست زائرة، كما أننا لو افترضنا أنها تعرض إنتاجها للقادمين من خارج المملكة خصيصا للمعرض فسنجد أنهم نسبة أقل من أن تذكر ولهذا أقترح عليها أن تشارك في معارض الخارج وتدع مساحة معرض الرياض للضيوف المنتظرين. من خلال زياراتي المتكررة والمكثفة لمعرض الرياض لا أجد إقبالا كبيرا على المؤسسات الرسمية، ولنكن أكثر دقة.. ينحصر الإقبال الكثيف على ممرين أو ثلاثة وبعض المساحات المتفرقة لبعض دور النشر". وترى حسب زياراتها المتعددة للمعرض "أن الحضور المحلي سيطغى على الحضور العربي على مستوى دور النشر على الأقل، وهذا إيجابي بنظري لأن الظهور والطغيان للدور المحلية وهي الأقل احترافية وتخصصية أعتبره أمر معيب، وآمل أن لا تأتي فرصة ويطغى المحلي إلا عندما يستحق ذلك بجدارة وحرفية، أما إذا احتسبنا حصة المؤسسات الرسمية مع دور النشر المحلية فحتى مع طغيانها (المكاني) إلا أنها لا تقارن بالحضور العربي الزاهي، والكم لا يغلب الكيف". وتنهي مشاركتها بقولها: "أطالب بشدة أن نعامل معرض الرياض كأي (مول محترم)، تتجه إليه أي عائلة أو أي فرد في أي وقت، ولا داعي لحركات يوم لك ويوم للأفراد، وللتحايل المخبوء في عباءة كلمتي «أفراد، رجال/ الجميع». المعرض عشرة أيام فقط ولا يستحق إجحاف التجزئة، ويكفي أن القارئ - المستهلك - وأصحاب دور النشر يشتكون من حالة الموت السريري الذي حصل في معرض العام الماضي بسبب جعل اليوم الأخير مخصصا للأفراد فقط. حضور العائلات خصوصا آخر يوم يبعث الحياة ويجعل المعرض يتنفس حتى آخر لحظة".