مثلت الساعات الأخيرة من معرض الرياض الدولي للكتاب، لحظة يصعب وصفها، إذ اصطف الزوار بكثافة لا مثيل لها في ما يشبه الطابور. طابور في كل مكان عند البوابات والصرافات وأجهزة الاستعلامات الإلكترونية وأخيراً دور النشر، الزحام كان الملمح الأضخم للساعات الأخيرة. واعتبر أبوهيثم أن اليوم الأخير «فرصة لزيارة المعرض بعد معرفة أخباره وإصداراته، بصراحة أفضّل دائماً أن أقرأ كل عام أخبار المعرض، بحيث أعرف الاتجاه العام للقرّاء، والكتب الأكثر مبيعاً ثم أقرر ما آخذه بينها، كما أنني أستمع كثيراً لتجربة زملائي الذين زاروه في أيامه الأولى، وتفيدني تجاربهم واتجاهاتهم، لهذا أؤجل الزيارة لتكون ملامحها معروفة». بينما تعتقد هناء ناصر أن اليوم الأخير يتيح لها فرصة زيارة المعرض في جو أكثر هدوءاً وأقل إقبالاً، باعتبار أن الأيام الأولى شهدت إقبالاً شديداً، ما خيّب توقعاتها في زيارتها: «أنا متفاجئة جداً من حجم الإقبال، المعرض في يومه الأخير، وتوقعت أن الجميع زاروه، وأن أزمة الزحام انتهت، لكنني فوجئت أن على العكس تماماً، الحاصل أن الحاضرين كثيرون جداً، يفوق عددهم في الأيام الأولى بحسب ما سمعت منهم». من جانب آخر، يرى البعض في الأيام الأخيرة فرصة الشراء بالجملة، خصوصاً أصحاب المكتبات الذين يعقدون مع الناشرين اتفاقات على عدد كبير من النسخ المتبقية في المعرض. ولا يقتصر هذا الاعتقاد على أصحاب المكتبات فقط، بل إن العديد من الزوار أقروا أن أسعار الكتب تنخفض في أيام المعرض الأخيرة، ويتبنى أبوعبدالكريم هذه الوجه فيقول: «من الطبيعي أن تنخفض الأسعار، ولهذا آتي في آخر الأيام، أتوقع أن بيع الكتب بسعر منخفض أفضل لدى الناشرين من تحمل تكلفة إرجاعها إلى بلدانهم». وتتفق لما الزهراني معهم في خفضها، إذ تقول: «سبق أن اشتريت كتباً في أول أيام المعرض في دورات سابقة، وأخذت أخرى بثلث سعرها في آخر أيام المعرض، لكن الزحام هذا العام يبدو أشد، ولا أعتقد أن يضطر الناشرون إلى الخفض، ما دام الإقبال بهذه الضخامة حتى في اليوم الأخيرة». سبب آخر يدفع جمهوراً من نوع خاص إلى الحرص على حضور اليوم الأخير، ولا سبب يقودهم إلى ذلك سوى عاطفة راسخة لديهم تجاه معرض الرياض الدولي للكتاب، بنيت على أعوام حتى تحول إلى إرث عاطفي تراكمي يزداد مع كل دورة، يقول عبدالله السعيد: «بالنسبة إليّ، فالأمر أشبه بالحرص على توديع شخص عزيز على قلبك، تحرص على أن تكون معه حتى آخر لحظة، وجودي في المعرض يماثل تماماً أن ألوح بيدي لهذا الشخص العزيز وهو يغادر». وتتفق ندى السالم مع السعيد في الإقرار بأن المسألة بالنسبة إليها حميمة وعاطفية قبل أي شيء، «المعرض يعني لي الشيء الكثير، فهو ليس سوق كتب فحسب، بل هو وجوه أحرص عليها، وأشتاقها في أجواء لا يمكن أن تجدها إلا فيه».