شكل انعقاد مؤتمر مكافحة الإرهاب في مدينة الرياض تأكيداً على الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة في سبيل مواجهة الإرهاب فكراً وعملاً والسعي للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة على المستوى الدولي والتي تتطلب تظافر جهود جميع الدول بلا استثناء وخاصة أن الإرهاب لا يميز بين الدول أو الاديان أو الحضارات. وعلى الرغم من أن الجهد الدولي ما زال في كثير منه يقف أمام إشكالية التعريف ودوامة التحليل فإن الواجب يتطلب من الجميع الخروج من تلك الحالة إلى دائرة العمل المشترك الفعال مع الإشارة إلى ضرورة التوصل إلى تعريف محدد للإرهاب يكون أساساً مشتركاً بين الدول تتعامل وفقه مع جميع القضايا دون ازدواجية في التطبيق وانتقائية في التعاطي، وفي هذا السياق جاءت جهود المملكة متميزة وبناءة في مجال التعاون الدولي حيث تبنت الأممالمتحدة مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي طرحها في مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي انعقد في الرياض عام 2005م والمتعلقة بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب لتطوير آليات تبادل المعلومات والخبرات بين الدول وتوفير قاعدة بيانات يمكن تحديثها باستمرار وتشكل بنك للمعلومات انطلاقاً من كون مواجهة الإرهاب هي مسؤولية دولية تتطلب درجات متقدمة من التنسيق والتعاون بين مختلف الدول، وقد أصبحت هذه المبادرة أمراً واقعاً بتوقيع اتفاقية تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب (UNCTC) تحت مظلة الأممالمتحدة في 19 سبتمبر 2011م بمدينة نييورك والذي استضافت مدينة جدة اجتماعه الثاني في العام الماضي. ومما لا شك فيه أن الإرهاب هو نتاج فكر منحرف وبالتالي فإن مواجهة الإرهاب كما عبر عنها سمو الأمير تركي بن محمد وكيل وزارة الخارجية أثناء افتتاح المؤتمر الأخير هي مواجهة فكرية وليست مواجهة أمنية فقط وقد أثبتت السياسة التي اتبعها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية لمواجهة الإرهاب والتطرف من خلال أحداث لجان المناصحة والتأهيل أن المواجهة الأمنية يتوجب أن تصاحبها مواجهة فكرية منهجية وعلمية ومقننة وهذا ما مثلته تلك اللجان باعتبارها تجربة رائدة ومتفردة في مجال السياسة الجنائية على المستوى الدولي وأصبحت إحدى ركائز المناهج العلاجية والوقائية في مواجهة الإرهاب والفكر الإرهابي. إن الإرهاب أصبح يشكل خلال السنوات الماضية تهديداً مستمراً للسلم والأمن الدوليين واستقرار المجتمعات والدول وبالتالي فإن نجاح التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب يتطلب انتهاج سياسة دولية تتسم بالعدل والمرونة والعقلانية واحترام حقوق الإنسان وإيجاد حلول للقضايا الدولية والإقليمية التي تشكل بؤراً للتوتر والصراعات وتصدير الأفكار والاتجاهات المتطرفة، والعمل على ترسيخ قيم التسامح والتفاهم والحوار والتعددية والتقارب بين الثقافات هو الكفيل بالقضاء على الإرهاب وخلق بيئة عالمية يسودها السلام والعدل وقبل كل ذلك الأمن والطمأنينة. [email protected] www.katebshammari.com