كثيراً ما نسمع بعض نجوم وسائل التواصل الاجتماعي «الجدد»، وبالذات في تويتر، وهم يتحدثون عن القيم السامية كالحرية، والعدالة، والديمقراطية. هذا، ولكن تفسيرهم لهذه القيم تفسير غريب، تغلب عليه السطحية، والسذاجة، كما أنهم كتل من التناقضات تمشي على الأرض، فهم يقفون ضد الغرب، بل إنهم يتنادون ليل نهار لحربه، مع أنهم لا يستغنون عن منتجاته، كما أن دول هذا الغرب هي مقصدهم الدائم للسياحة، فلم تكن زيمبابوي، ولا الصومال، أو بوركينا فاسو مقصدا لرحلاتهم في يوم من الأيام، ولأنهم متناقضون، فإنهم يأتون بالعجائب. فعندما يتحدثون عن الحرية - على سبيل المثال - فإنهم لا يطلبونها للجميع، بل لمن يتفق معهم فكريا، وهم أشد الناس حربا على خصومهم، وأكثر من يطالب بتقييد حرياتهم، فكيف يستقيم أن تدعي أنك تطالب بالحرية لهذا، وفي ذات الوقت، تطالب بسجن ذاك، فهذه القيم العظيمة لا تتجزأ، فإما أن تؤمن بها كليا، أو لا تطالب بها على الإطلاق، ومثل هذا ينسحب على المطالبة بالديمقراطية، فالذين يشجبون حكوماتهم لأنها غير ديمقراطية، كما هو حال تنظيم الإخوان المسلمين في مصر أيام الرئيس مبارك، اتضح أنهم ألد أعداء هذه القيمة السامية، وذلك بعد أن استقرت لهم الأمور، وخطفوا كرسي الحكم، فلا صوت يعلو على صوتهم، ولا أمل لمن لا يسير في فلكهم في الوصول، حتى ولو كان عن طريق الديمقراطية، فالديمقراطية بالنسبة لهم هي سلم الوصول إلى السلطة، وبعدها يتم كسر هذا السلم إلى الأبد، في حال أذعن لهم الشعب المحكوم. ومن المفارقات المضحكة أن أحد الحقوقيين «الجدد» كان، ولا يزال يقف ضد كل ما هو غربي، ويسمى قوانينهم بالوضعية، ولكن عندما تيقن أن بعض المتهمين في بعض القضايا الأمنية من رفاقه قد أدينوا، تحول فجأة، وأصبح يطالب بتطبيق القوانين الدولية الغربية، والتي كان لا يتوقف عن وصمها بالوضعية!، فهل يا ترى يشعر هؤلاء بتناقضاتهم، أم أنهم لا يكترثون، من منطلق أن الضرورات تبيح المحرمات، وأستغرب حقا أن هناك من لا يتوقف كثيرا عند هذه التناقضات، بل ويتعاطف مع مطالب هؤلاء المتناقضين، مع أنها تناقضات واضحة، وفي الأخير، كلنا ينشد الديمقراطية، والحرية، والعدالة، ولكننا ننشدها للجميع، أما من يطالب بها لحزبه، ورفاقه فقط فهو مشروع لديكتاتور آخر، قد يكون أشد وأنكى من خصومه الذين يحاربهم، ويتمنى زوالهم. [email protected] تويتر @alfarraj2