لفت نظري قبل أسابيع مقطع فيديو لمجموعة من المسلمين البلجيكيين الذين تظاهروا في قلب بروكسل، ورفعوا شعارات مفادها أنهم عازمون على تحرير بلجيكا من حكم الكفار، ولتأكيدهم على هذا، فقد رفعوا علم دولتهم الجديدة على مجسم يمثل أحد أهم معالم العاصمة البلجيكية، وللأمانة فقد كانت أشكالهم غريبة، وكانوا يصرخون بشكل هستيري يتأذى منه المسلم، ناهيك عن غير المسلم، ولا أدري كيف تتحمل الحكومات الأوروبية مثل هؤلاء، خصوصا وأنها آوتهم من خوف، وأطعمتهم بعد جوع، وساهمت في تعليم أبنائهم، وعلاجهم، بل إنها ساهمت في بناء مساجدهم، ويسرت لهم كل السبل ليمارسوا معتقداتهم الدينية بكل حرية بعد أن هربوا من بلدانهم الإسلامية، ثم كيف فات عليهم أن احترام المضيف قيمة إنسانية أصيلة، قبل أن تكون قيمة إسلامية سامية، فهل يا ترى لهؤلاء أشباه، ولماذا يشوهون الإسلام بهذا الشكل؟ قبل سنوات، وعندما كنت عميدا لإحدى كليات جامعة الملك سعود، دلف على مكتبي شاب لطيف من طلاب الجامعة الأجانب، ظننته من أول وهلة يحمل الجنسية الإفريقية، ولكنه أخبرني أنه تم تبنيه منذ طفولته الباكرة من قبل زوجين من السويد، كانا في زيارة لبلده، وكان حينها يعيش في ملجأ بري، لا يتوافر فيه الحد الأدنى من المعيشة الطبيعية، حيث لم يكن هناك طعام كاف، ناهيك عن التعليم والتطبيب، وقد أخذاه إلى السويد، وربياه في منزلهما الفاخر، وتكفلا بتعليمه، وعندما بلغ الحلم، خيراه بين أن يبقى معهما، أو يذهب إلى حيث يشاء، كما منحاه الحرية في اختيار الدين الذي يريد، وقد اختار الإسلام، ثم ذهب إلى المركز الإسلامي باستوكهولم ليتعلم هناك، فما الذي حصل؟ لاحظت أنه يتحدث عن الزوجين السويديين الذين تبنياه باحتقار، وينعتهما بالكفار، وعندما أنكرت عليه ذلك، وقلت إن أخلاق المسلم يجب أن تمنعه من الإساءة لمن أحسن إليه، اعتذر، وقال إن المسؤولين عن المركز الإسلامي في العاصمة السويدية هم الذين أقنعوه بهذه الأفكار، وطلبوا منه أن يقاطع والديه بالتبني، وأن لا يحسن إليهما، لأنهما كافران!، ثم سألني ببراءة عما يجب عليه فعله الآن، ولا أظن تفاصيل باقي الحديث تهمكم كثيرا، فالمهم هو الإشارة إلى بعض المراكز الإسلامية في أوروبا، التي يبدو مما سبق ذكره - عن مظاهرة بلجيكا وقصة هذا الطالب - أنها تنشر التطرف، وتسيء للإسلام والمسلمين بشكل كبير، لأننا دائما ما نتساءل عن سبب عنصرية الغرب ضد المسلمين، وننسى أن بعضنا قد يكون جزءا من هذه المشكلة، فهل يتحرك الغيورون على دينهم لتصحيح المسار؟ [email protected] تويتر @alfarraj2