أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأول من مارس يوماً دولياً للاحتفال باليوم العالمي للدفاع المدني تقديراً لما تقوم به أجهزة الدفاع المدني في هذا العصر من جهود عظيمة ومتواصلة للحفاظ على أمن وسلامة المجتمعات الإنسانية من خطر الكوارث الطبيعية والبشرية والتقليل من الآثار المأساوية التي تنجم عنها، لاسيما مع تعاظم الأخطار والمهددات التي تواجه الإنسان وترافقه في المنزل والطريق والعمل، الأمر الذي استدعى تحرك الأسرة الدولية بما يتناسب والتهديد الذي تشكله هذه الأخطار على سلامة الأرواح والممتلكات ولمواجهة الأضرار الناجمة عن هذه الكوارث في ثلاثة جوانب أساسية هي الوقاية والمواجهة ثم إدارة الوضع إثر وقوع الكارثة لمساعدة ضحاياها والحفاظ على الممتلكات والبيئة. إن الهدف الرئيس من هذا الاحتفال هو التنويه والإشادة بالدور الكبير الذي تضطلع به أجهزة الدفاع المدني ومنتسبوها، والتأكيد في الوقت ذاته على أن الكوارث والأخطار الطبيعية والبشرية قد أصبحت اليوم مشكلة دولية تتجاوز الحدود السياسية بعد أن أصبح العالم قرية كونية يتأثر بعضه ببعض في ظل ظهور مهددات طبيعية وبشرية جديدة بالغة الخطورة كحالات تسرب الإشعاعات النووية والبقع النفطية وغيرها. إن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وهي الجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب، إذ تشارك العالم الاحتفال بهذه المناسبة فإنها تستشعر عظم المسئولية الملقاة على عاتقها إزاء النمو المطّرد لأخطار الكوارث وبالتالي إزاء الأضرار البشرية والاجتماعية والاقتصادية الخطيرة الناتجة عن ذلك مع تطور المجتمعات بشكل لم تعد فيه الطرق التقليدية المتبعة تكفي للوقاية والحماية نظراً لازدياد الكثافة السكانية في المدن العربية والنمو الضخم للمنشآت العامة من مستشفيات وجامعات ومرافق خدمية، وكذلك الاعتماد شبه الكلي على وسائل التقنية الحديثة وهي في حد ذاتها مسببة للكثير من الحوادث إذا ما أسيء استخدامها أو أهملت صيانتها والمحافظة عليها فينتج عن هذه الحوادث الكثير من الخسائر الفادحة، وانطلاقاً من ذلك وفي سياق تنفيذها للإستراتجيات العربية في مجال الحماية المدنية والدفاع المدني ومن خلال تلمسها لاحتياجات الأجهزة الأمنية العربية في شتى المجالات، مواكبة منها لتضاريس العمل الأمني فقد أولت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية قضايا الدفاع المدني والحماية المدنية ما يجدر بها من عناية واهتمام واضعة في اعتبارها أن الكوارث تشكل تهديداً رئيساً للإنسان وعوامل نهوضه وتنميته في شتى مناحي الحياة، وقد سعت الجامعة لتكثيف جهودها في تطوير أساليب درء أخطار الكوارث، بأساليب علمية وتطبيقية عدة وذلك من خلال مرافقها العلمية كلية الدراسات العليا وكلية التدريب، وكلية علوم الأدلة الجنائية، ومركز الدراسات والبحوث، حيث ناقشت الجامعة أكثر من (172) رسالة ماجستير ودكتوراه في هذا المجال ونفذت ما يزيد على (94) دورة تدريبية، و(12) حلقات عملية، وعقدت (10) ندوات، و(14) محاضرة علمية إضافة إلى تنفيذها ل(31) دراسة محكمة نشرت في المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، كما أثرت المكتبة الأمنية العربية المتخصصة ب(29) إصداراً في مجال الحماية المدنية والدفاع المدني أصبحت مراجع للباحثين في هذا المجال، وفي ذات الإطار نشرت مجلة الأمن والحياة (80) مقالاً وتقريراً صحفياً في هذا المجال، كما شاركت الجامعة في (92) اجتماعاً ومؤتمراً عربياً ودولياً حول هذا الموضوع إضافة إلى تنظيم الجامعة لأربعة معارض علمية و(3) ملتقيات حول الدفاع المدني إضافة إلى التنسيق مع المنظمات والمؤسسات الإقليمية والعربية والدولية، والتعاون معها ومن أبرزها المنظمة الدولية للماية المدنية في جنيف بقصد تبادل الخبرات والمعلومات في كل ما من شأنه تحقيق أمن وسلامة المواطن العربي من خلال إدارة التعاون الدولي بالجامعة. ويبقى كل هذا وذاك بحاجة لتكثيف الجهود وتكريسها ومواصلة التعاون لتفعيل الخطط والبرامج وتلافي الأخطاء والمعوقات التي تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة. إن كل هذه الإنجازات في مجال الحماية المدنية والدفاع المدني وغيرها ما كانت لتتحقق لولا فضل الله تعالى ثم الدعم المتواصل واللا محدود والتوجيهات السديدة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للجامعة لهذا الصرح العربي الذي يوليه - حفظه الله - جل اهتمامه وعنايته، يسانده في ذلك إخوانه أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب للوصول بهذه المنارة العلمية العربية إلى المكانة التي تحقق أهدافها ويتطلعون إليها - يحفظهم الله - كما يطيب لي أن أغتنم هذه السانحة لأرفع الشكر والتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - يحفظهم الله - على ما تجده الجامعة من كريم الرعاية والاستضافة حتى وصلت إلى هذا المستوى المتميز عربياً دولياً، كما نرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل أن يتغمد فقيد الأمن العربي ومن تتشرف الجامعة بحمل اسمه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بواسع رحمته، فهو صاحب الفكرة وغارس الشجرة الطيبة المباركة التي آتت أكلها أمنا يتفيَّأُ ظلاله الجميع. - رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية