يحتاج المشهد الإيراني في مصر - اليوم - إلى نظرة أكثر شمولية، إذ في المشهد ما قد يخفيه الساسة الإيرانيون في العلن، رغم تسارع مراحل المشروع الاستعماري الإيراني في المنطقة. فإيران دولة توسعية، ذات أهداف أيديولوجية. وعندما يطالب - المرشد الأعلى الإيراني - علي خامنئي، - الرئيس المصري - محمد مرسي - قبل أيام -، بأن: «يستوحي نظام حكم ولاية الفقيه الإيراني في مصر، وتبني النموذج الإيراني، والانضمام إلى طهران في بناء ما سماه: الحضارة الإسلامية الجديدة، استنادا إلى تعاليم الخميني»، فهو إنما يريد نسج أهدافه الرامية؛ لتصدير النموذج الخميني إلى مصر، والذي تبناه نظام ولاية الفقيه، منذ قيام الثورة الإيرانية في عام 1979م، بعد قطيعة دامت لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن بين البلدين، من أجل استيعاب الواقع المصري بثوبه الجديد، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وهو ما يتطابق مع التقارير الأمنية، التي تشير إلى وجود موطئ قدم استخباراتية إيرانية في مصر؛ لتصدير الثورة المذهبية لولاية الفقيه. لا نريد أن تتمخض المنطقة عن عدد من كينونات إيرانية جديدة، كما زعم الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، عندما قال عن مصر تحديدا: «إن مصر ستكون إيران جديدة، سواء أردتم، أم لم تريدوا». أو كما زعم خامئني، عندما عبّر عن الثورات العربية، ب: «شرق أوسط إسلامي جديد»؛ لاحتواء التحولات الجذرية على الصعيد السياسي المصري، لصالح المشروع الاستعماري الإيراني. فالفكرة، وإن كانت سياسية، إلا أن الهدف منها: أن يكون ولاء تلك الكينونات الصغيرة في مصر، وغيرها من الدول العربية، تابعة لإيران سياسيا، حتى تؤيد مشروعها في المنطقة بشكل عام. وهذا ما حذّر منه - الشيخ - يوسف القرضاوي، من: «أن المد الشيعي، والأنشطة التبشيرية من الشيعة، والحكومة الإيرانية، - وبخاصة - في مصر في تزايد، وقد يؤدي إلى حرب أهلية، مثل تلك الموجودة في العراق». في نفس سياق استعراض المكر الإيراني، فإن الخطورة على الجانب المصري تكمن في جوانب عدة، كما تقول - الأستاذة- نهلة بركات، فالجانب الأول: تأتي خطورته من أن توطيد العلاقات المصرية الإيرانية في ظل الحكم الإسلامي في مصر إلى جانب الأطماع البايتة لدى إيران، قد يجعل مصر تخضع بسهولة تامة للسيطرة الإيرانية، هذا في ظل الأوضاع الداخلية المصرية، والرفض الشعبي المتصاعد للفصيل الحاكم، وهم الإخوان المسلمون، إلى جانب الخطورة على الشعب - نفسه -، - خاصة - بعد ما تردد حول زيارة رئيس المخابرات الإيراني لمصر؛ لتنظيم إدارة العلاقة مع الشعب، على الرغم من إنكار الإخوان المسلمين لذلك. كل هذا يضع البلاد في خطورة شديدة، من أن يتم التنسيق بين الفصيل الحاكم، وإيران، وتبادل الوعود بين الطرفين، ويكون الضحية الدولة، والشعب. أما الجانب الثاني، فإن خطورته تكمن على مستوى دولي، - نظرا - للعداء المتأصل ما بين إيران، وكلا من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإسرائيل؛ نتيجة لتطوير إيران لبرنامجها النووي، واحتمال امتلاكها للسلاح النووي، إلى جانب رفضها للالتزام بالاتفاقية الدولية؛ لمنع انتشار الأسلحة النووية. فكل هذا وضع إيران تحت الميكروسكوب الدولي، أي: أن إيران بمثابة تهديد للولايات المتحدةالأمريكية، وكذلك لإسرائيل، - ولهذا - وفى ظل تطور العلاقات - المصرية الإيرانية -، قد تتخذ الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإسرائيل من هذه العلاقة منفذاً؛ للتسلل إلى مصر، وهو هدف قديم، والأساليب التي تستخدمها هذه الدول في ذلك كثيرة، - خاصة - في ظل ما يتردد، بأن مصر مصدرة للإرهاب في الأجواء العالمية. على أي حال، فقد كان لموقف الأزهر كلمته الأولى في هذا الشأن، دون النظر إلى الاعتبارات السياسية، وذلك عندما أكد - شيخ الأزهر - أحمد الطيب، على رفض سياسات إيران القائمة على التدخل في شؤون دول المنطقة، ومنها: اللعب بالورقة المصرية، وتفعيل سياسة إيجاد بؤر من المشاكل، والأزمات، والكم الهائل من الإرث التاريخي، والاختلاف الفكري العميق في الأصول، دون الفروع، الأمر الذي يدل على اتساع الفجوة بين البلدين. وفقاً لحسابات بعيدة المدى، فإن القراءة الأدق للمشهد، هو أن إيران ترفض أي محاولة من شأنها تعزيز العلاقة مع الآخر في إطار تفاعلي؛ لأن تلك العلاقة، ستقف حائلاً ضد الأطماع الإيرانية في المنطقة، والمتمثلة في تغذية النزاعات الطائفية، واحتضان الخلايا الإرهابية، وصنع الأزمات في بعض الدول العربية، وهو ما نلحظه من استشراء الفوضى في أكثر من نقطة ملتهبة. [email protected] باحث في السياسة الشرعية