في حالات معينة تحتاج إلى الضجيج والأصوات والصخب الاحتفالي لتفهم حقيقة المشهد, ولربما الحكاية كاملة... لم يكن يخطر في البال مشهد تخريج الطلاب السعوديين في الخارج, لكني داخل قاعة تخريج الطلاب السعوديين في كندا 2013م ووسط زغاريد الأمهات التي اختلطت بالدموع, وتبريكات الآباء والأقرباء والأصدقاء أمكنني استيعاب أن يكون لك ابن أو بنت ضمن الخريجين، فقد اختلطت المشاعر ومر طيف بلادي الجميل مدن الرمل والهضاب الجافة والجبال الرطبة, وكندا مغطاة بالثلج الأبيض وماء السماء, والوجوه السعودية التقليدية الحالمة جاءت عابرة بحر الظلمات - المحيط الأطلسي - إلى أقصى يابسة في القطب المتجمد الشمالي آخر يابسة قبل أرض الثلج والصقيع والزمهرير لتحتفل مع أبنائها وتشاركهم الفرح... مثل هذه الحقائق والمشاعر لا يمكن اصطيادها أو رسمها إلا عندما تكون في قلب الحدث وتتكشف لك المشاعر الصادقة وأصوات الأمهات وهن صامدات وصابرات بانتظار لحظة التخرج وعودة الأبناء إلى أحضانهن وأحضان الوطن حاملين الشهادات ووثائق التخرج من بلاد كريمة استضافتهم ولم تبخل عليهم بالعلم والمعرفة والتخصصات المهنية الإستراتيجية من جامعاتها مثل الطب والعلوم الطبية والهندسة والقانون... كندا الصديقة خرجت وأهدت لنا أكثر من (800) خريج منهم (610) من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للابتعاث و(209) من خريجي الجهات الحكومية، أيضاً منهم (132) زمالة طبية، و(18) دكتوراه، و(430) ماجستير، و(186) بكالوريوس, و(44) دبلوماً, وفي التخصصات الهندسية (34) خريجاً... أحسنت وزارة التعليم العالي الممثل والمنفذ لبرنامج الملك عبدالله للابتعاث ونيابة عن قطاعات الدولة عندما شرعت في إقامة احتفال سنوي لتخريج طلابها والقطاعات الأخرى في حفل جماعي في الدول التي تشهد كثافة طلابية: أمريكا وأستراليا وكندا واحتفالات أخرى في دول شرق آسيا والتزمت به خلال السنوات الثلاث الماضية رغم تلك الأعباء من جهد إداري وتنظيمي وما تبذله الملحقيات الثقافية والتعليمية التي تشكر على جهودها في الإعداد والتنظيم وما قدمته لجعله احتفالاً رسمياً وشعبياً تحتضن فيه العائلات في تكتل واحد تجمع جهات المملكة وأطرافها وأطيافها، حيث يتحول هذا اللقاء إلى عرس سعودي شعبي تنضح وتفيض منه الوطنية ومشاعر الانتماء والولاء وحنينية الوطن... هذا الوطن الواقع في الطرف الآخر من الكون بالنسبة لكندا العالق في (جمار) القلب، والقيادة السخية التي هيأت الميزانيات للصرف على الابتعاث وكذلك الإدارة العلمية: التعليم العالي والملحقيات والسفارات التي عملت على الإحاطة بالطالب ورعايته خلال سنين دراسته... هذه التفاهمات المتماسكة مع كندا الصديقة خرجت لنا -بحمد الله- (800) طالب وطالبة منهم (132) طبيباً و(34) مهندساً، ونحن بانتظار المزيد من جامعات الغرب وأمريكا وآسيا بعودة أكثر من (200) ألف مبتعث من الجامعات العالمية.