البطالة هي المشكلة الاقتصادية الأولى ومسؤولية معالجتها تقع على جهات عديدة تبرز وزارة العمل في مقدمتها وإذا كانت الإجراءات القائمة اليوم تصب في توظيف أكبر عدد ممكن بشكل أساسي بسبب حجم العاطلين الكبير من الجنسين إلا أن القفز إلى حلول حقيقية للبطالة مستقبلاً لا ينبع من وزارة العمل بشكل أساسي. إن التخطيط المستقبلي لتوظيف الطاقات الشابة بما يخدم الاقتصاد الوطني ينطلق من وزارة الاقتصاد والتخطيط إذ يجب أن تضع الوزارة خطة مفصلة لتأهيل الكوادر الشابة وذلك من خلال معرفة النقص والحاجة لكل تخصص وحتى تكون الصورة أوضح فإن دور الوزارة هو معرفة احتياج المملكة من كل تخصص عبر تنسيق مع كافة الجهات الرسمية وممثلي القطاع الخاص والقيام بإحصاء مفصل لكافة التخصصات وعدد من يحمل مؤهلاتها حالياً وكذلك عدد من يدرسون بالجامعات والمعاهد والكليات التقنية والفنية بكل تخصص سواء الحكومية أو الأهلية. ومن المهم جدا أن تقوم الوزارة من خلال تنسيقها مع الجهات كافة أن تتعرف على احتياج كل منطقة من التخصصات المطلوبة فلا يكفي أن تعرف احتياج وزارة الصحة مثلا من التخصصات الطبية بل احتياج كل منطقة من هذه التخصصات لتأمين احتياجها ولتقليل الهجرة بقصد الدراسة أو العمل وينطبق ذلك على باقي الجهات ومن خلال هذه الطريقة بالتنسيق تتمكن الوزارة من وضع خطة تأهيل الكوادر البشرية وتعليمها وتدريبها بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والمؤسسة العامة للتعليم الفني ليتم توزيع هذه الخطط على الجامعات والمعاهد المنتشرة بكافة المناطق. كما أن وضع كل هذه الخطة وفق جدول زمني لتحقيق الاكتفاء من كل تخصص وإعادة النظر بها بعد تحقيق مرحلتها الأولى ليصار إلى التخفيف أو الزيادة بالقبول من كل تخصص وفق الاحتياجات المستقبلية مأخوذا بعين الاعتبار من سيتقاعدون أو من لا يكملون تعليمهم لأي ظرف كان بما لا يؤثر على الإطار العام للخطط وأهدافها. كما يجب على الجهات التعليمية أن تقوم بإعادة تأهيل مرافقها بما يتناسب مع احتياجات التخصصات حسب كل منطقة يقع بها المرفق التعليمي سواء أكاديمي أو مهني وأن تكون المرونة عنواناً رئيسياً لزيادة طاقة كليات على حساب أخرى وتخفيض نسب القبول لتحقيق تلك الأهداف إذ إن الطرق التقليدية المتبعة بالقبول ليست فاعلة وأصبحت غير مجدية حالها حال الطرق المعقدة فتخفيض درجة ودرجتين لقبول عدد أكبر بتخصصات طبية أو هندسية لن يشكل فارقاً كبيراً بمستوى الطالب إذا كان الهدف قبول عدد يتناسب مع الخطة العامة ويحقق لكل منطقة احتياجها من أي تخصص كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تكون نسبة المهنيين أكبر من حجم الجامعيين لأنهم يشكلون الحجم الأكبر من العمالة فمقابل كل طبيب تحتاج المستشفى لعدد كبير من الفنيين كممرضين ومساعدين ومعالجين ومخبرين وهذا ما ينطبق على كافة التخصصات الهندسية فكل مهندس يعمل معه عدة فنيين كمساعد مهندس مع الأخذ بعين الاعتبار تعديل المراتب الوظيفية وبدلاتها لكي يكون هناك قبول لأي تخصص مهني بالإضافة لتعديل الأنظمة المحفزة والداعمة لتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليكون للخريجين عدة خيارات للعمل. التخطيط لسوق عمل واعد يتطلب القفز لتفاصيل أعمق مما هو قائم الآن فما ينفق بالاقتصاد المحلي ضخم جداً والتحولات المتوقعة به كبيرة وتتطلب الاستعداد المبكر لها بتأهيل الشباب حسب ما تحتاجه المنشآت والمشاريع مستقبلا وبكل منطقة أو لكل قطاع سيتوسع وتزداد احتياجاته المهنية من كافة التخصصات كالطاقة المتجددة والذرية وغيرها من قطاعات الصناعة والخدمات المستحدثة بالاقتصاد على سبيل المثال فمن شأن التخطيط لاحتياجات سوق العمل أن تعظم العائد على الاقتصاد بتوطين الوظائف وتقليص الاستقدام مستقبلاً والذي يحتاج لخطة موازية لتخفيضه تدريجياً.