يقول الشيخ الألباني - رحمه الله - في كتابه عن جلباب المرأة: (ورد في ترجمة أبي الحسن الواعظ المعروف ب (المصري): أنه كان له مجلس يتكلم فيه ويعظ، وكان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء - (أي أنهم كانوا مختلطين)- فكان يجعل على وجهه بُرقعاً تخوّفاً أن يفتتن به النساء من حسن وجهه). «تاريخ بغداد» (12-75-76 انتهى. وهذا في تقديري دليلٌ على ثقة هذا الواعظ الوسيم بخطابه الوعظي لا بشكله، إضافة إلى تقواه وخوفه من الله و ورعه؛ فمن الواضح أن أبا الحسن - رحمه الله - أراد من الوعظ وجه الله جل وعلا، ولم يرد (الترزز) واستقطاب الشهرة واللعب على الحبلين والثراء من خلال الوعظ، كما هو شأن أحد الوعاظ (العرب) من الإخوانيين الأقحاح، ممن حباه الله وجهاً جميلاً فاستغله في التسويق لنجوميته، فتراه مثل (فتيات الغلاف)؛ يحرص كل الحرص على أن يتأنّق ويُسرف في اللباس و(التمسّس)، وأحياناً يصبغ وجهه (بكيلو مكياج) كي يبدو مُغرياً وجذاباً؛ وهناك من يَروي أنه يحرص على أن (يسشور) لحيته قبل أن يظهر على الشاشة ليبدو أكثر تألقاً وجذباً للمشاهدين، و بالأخص المشاهدات صغيرات السن ممن لم ينضجن بعد؛ فأصبح مربط الفرس شكل الواعظ لا ما يقول؛ فأفسد أكثر مما أصلح؛ لذلك فإنني أهيب بهذا الحكواتي الذي يدعي (الوعظ) إذا كان يريد من وعظه وجه الله تعالى كما يزعم أن (يتبرقع) من الآن فصاعداً كما كان يفعل سلفه الواعظ المصري الذي ذكره الألباني رحمه الله درءاً للفتنة؛ فلو فعلها واستمرَّ الطلب على برامجه الوعظية في الفضائيات، لأثبَتَ فعلاً أن الناس، خاصة (المراهقات الساذجات)، يُنصتون لما يعظهم به، ولا يَلتفتون إلى شكله، فيكون أجره بلا شك أعظم، إضافة إلى أنه سيرد على كل من يقول إنه مجرد شكل أما المضمون فليس ثمة ما يستدعي الالتفات؛ إضافة إلى أن هذا الواعظ اشتهر (بلطش) أعمال الآخرين الأدبية والعلمية، ونسبتها إلى نفسه، وعندما ينكشف يدعي أنه اقتبسها اقتباساً رغم أنها سرقة مفضوحة؛ فهو رجل قد نزع الله منه الحياء فلا يخجل ولا يرعوي. والأحمق عادة ما يدّلُ عليه لسانه وخطابه وتناقضاته وحماقاته وتوريطه لنفسه دون أن يعي، و (كيله بمكيالين) حين يدّعي أنه صاحب علم، وهو أجهل من حمار أهله، وأفرغ من طبل أجوف؛ وتغريدات صاحبنا في تويتر تضعه أمامك بلا مكياج ولا (سشورة)؛ فخربشاته هناك أشبه ما تكون بخربشات مُراهق صَحَوي، فلا لون لها ولا طعم ولا رائحة.. هذا الحكواتي لو أنه أدرك خطورة ما يتهم به عباد الله لكَفّ وعَف، غير أن جهله فضلاً عن حُمقه وبلادته في تقدير واقع الحال، وعدم قدرته على قراءة اللحظة، يُعفيه في رأيي عن المساءلة. وكما يقولون : ما ضرَّ الناسَ مثل مُفوهٍ جاهل. جاء في الأثر : الرجال أربعة : رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك عالم فتعلموا منه. ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك نائم فنبهوه. ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فعلموه. ورجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم فذاك (أحمق) فاجتنبوه؛ وكأنَّ هذه المقولة في قسمها الأخير تتحدث عن هذا الأجوف؛ فهو يدّعي علماً وهو أجهل الناس به؛ ورصانة لا أظن أنها اقترنت به وبحياته قط، وعقلاً هو أحوج إليه من (هَبنّقة) الأحمق المشهور؛ فلو أنه أدرك خطورة (التهم) وأبعاد ما اتهم به الناس، لما تفوه بما تفوه به فأساء إلى نفسه في حين أنه كان يريد أن يُسيء إلى من سخروا منه، وفضحوا ادعاءاته، ولما دَلَّ الناسَ على صغر عقله، وتدني فهمه وتقديره للأمور. يُروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه)؛ وليس صاحبنا هذا عن وصفه - رضي الله عنه - ببعيد. يقول المتنبي: وما الحُسْنُ في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكُن في فعلِهِ والخَلائقِ! إلى اللقاء.