على الرغم من أن إيران تقاتل بشراسة؛ للحفاظ على الوضع الراهن في سوريا، وهذا ما جعل الحلّ في الأزمة السورية عالي التَكْلِفَة، باعتبار أن إطالة عمر النظام، يعني تعقيد الحلول، إلا أنهَّا في المقابل، قامت بتحويل بوصلتها نحو العراق، وبدأت ترسم خطة إستراتيجيَّة واضحة المعالم لمرحلة ما بعد الأسد، وهو ما اعترف به هاشمي رفسنجاني - رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران -، بقرب رحيل نظام بشار الأسد، عندما قال: «إن حظوظ بقاء حكومة بشار الأسد ضعيفة للغاية، وأن الأزمة السورية أصبحت أكثر تفاقمًا بعد كل هذا القتل، والتشريد، والتدمير». الجانب الأخطر في عملية اللعبة الإقليميَّة، أن سوريا كانت المحور الأساس؛ لتمرير المشروع الصفوي، وفرض نفوذ إقليمي غير مسبوق، يمتدّ من حدودها الغربيَّة، مرورًا بالعراق، وسوريا؛ ليصل إلى لبنان، -وبالتالي- فإن إيران لا يسعها خسارة سوريا، كونها تشكّل طوقًا أمنيًا، وعمقًا إستراتيجيًا، ودفاعيًّا تمدديًا كبيرًا بالنِّسبة لها. كما أن سوريا، تُعدُّ الجار الوديع على أرض الواقع مع إسرائيل، -ومن هنا- يهمها استمرار نظام الطائفة العلوية في سوريا؛ حماية لحدودها. حسنًا، ماذا لو سقط الأسد، لاسيما وأن الانتصارات التي حققها الجيش الحرّ، باتت واضحة للعيان؟، فإنَّ الإجابة عن هذا السؤال، سيدركها جيّدًا من تابع تاريخيًّا مسارات السياسة الإيرانية، والأدوات المستخدمة في تحقيق هذه السياسة، فإيران تخطط إلى توسعة دولتها، من خلال تقسيم العراق إلى دويلات، وقيام دولة شيعية داخل التشكيلة السياسيَّة العراقية في الجنوب، الذي يملك أكثر من «70 في المئة» من الثَّرْوة النفطية في العراق. وهذا السيناريو أوضَّحه قبل أيام، -رئيس الوزراء التركي- رجب طيب أردوغان، لصحيفة «السياسة» الكويتية، حيث قال: «إن القيادة الإيرانية، اقترحت على التحالف الشيعي الذي يقود الحكومة العراقية برئاسة المالكي، إقامة دولة شيعية كبيرة، تضم محافظات النجف، وكربلاء، وميسان، وذي قار، والديوانية، وَواسط، والبصرة، وبابل، والقادسية، وقسم الرصافة من العاصمة بغداد بعد سقوط الأسد». معالم الانتصار تلوح في الأفق، والنصر أصبح قاب قوسين، أو أدنى. ولا أعتقد أن السيناريو المنتظر بعد سقوط الأسد، بالقتامة التي يتصوّرها البعض، مع أن المرحلة الانتقالية، لن تكون سهلة في سوريا، إذا توافرت القيادة السياسيَّة الفاعلة بين صفوف المقاومة، ولاسيما أنّه يوجد نحو 300 منظمة في معسكر المعارضة المسلحة، إضافة إلى ضرورة توافر الوعي السياسي، والتخطيط الإستراتيجي، والرؤية الواضحة؛ لقراءة المرحلة القادمة بفاعلية. وسيكون عامل الوقت مهمًا في تهيئة الأمر؛ لتحقيق المصالحة، والبدء باستقرار جديد في سوريا. [email protected]