من يحمي المستهلك من الغش التجاري؟,, من المبالغة في الأسعار,, من تقليد العلامات التجارية للشركات الكبرى,, من البضائع التي تحمل مكوناتها عوامل المرض وأسباب اعتلال الصحة؟,, تساؤلات حائرة,, واجابات غائبة,, ومشاكل مزمنة تتحدى كل محاولات العلاج ان وجدت. في أسواقنا يختلط الغث بالسمين,, يتساوى الأصلي بالتقليدي,, كل الأحذية تحمل علامة صنع في ايطاليا ,, كل الملابس وارد باريس وروما ولندن,, والاستثناء محدود,, وفي محال الأسعار الموحدة والتي ترفع شعارات كل شيء بريال وريالين,, أو كل شيء بعشرة وعشرين ريالاً,, نقترب بصعوبة شديدة يفرضها زحام الباحثين عن الأرخص ولو على حساب الجودة,, الهاربين من نار الأسعار في المحلات الفخمة,, نقترب من أرفف البضائع,, لتجد لعب أطفال من مواد صناعية ضارة بالصحة,, وأدوات كهربائية تحمل نذير الموت بسبب أسلاكها وتوصيلاتها ومكوناتها غير المطابقة للمواصفات,, مستحضرات تجميل رخيصة في ثمنها خطيرة في تأثيرها على الصحة بما تحويه من دهون وشحوم مجهولة المصدر وأصباغ وألوان,, فمن يصدق أن يجتمع الالتزام بالجودة مع استخدام خامات صحية وبين طرح مجموعة كاملة من مستحضرات التجميل بعشرة ريالات,, وهو ما يعني ان أصل ثمنها لا يتجاوز خمسة ريالات. والحديث عن الغش التجاري يقودنا الى هذه القصة الواقعية التي يحكيها أحد الأطباء الزائرين فقد جاء الى الرياض بدعوة من أحد المستشفيات لاجراء بعض العمليات الجراحية وفي نهاية الزيارة قرر شراء بعض الهدايا لأسرته وأصدقائه,, وبدأ رحلة التسوق بشراء جهاز هاتف منزلي عادي يحتوي على وحدة رد آلي وطلب منه المبلغ 300 ريال دفعها بلا تردد,, ولكنه فوجىء بالبائع يخصم له 20 ريالاً من الثمن متطوعاً وبدون مساومة منه وسعده ذلك جداً,, وفي محل مجاور لاحظ وجود نفس جهاز الهاتف الذي اشتراه قبل دقائق فدفعه حب الاستطلاع الى الاستفسار عن ثمنه وعندما أخبره البائع ان ثمنه لا يتجاوز 200 ريال أحس بغضب شديد وقرر التوقف عن شراء أي شيء,, ووصف ما تعرض له بأنه خداع يقترب من النصب. والأمثلة كثيرة,, الواقع يؤكد أن الغش التجاري موجود,, وهو ما نشعر به جميعاً ونلمسه,, ولكن لا أحد يتحرك,, ولا أحد يجيب على التساؤلات الحائرة، الى متى يستمر ذلك الوضع؟,, وكيف يحدث؟,, كيف تدخل السلع المقلدة والمغشوشة الى أسواقنا؟,, والى متى يستمر ذلك؟,, في التحقيق التالي نحاول رصد واقع السوق والبحث عن اجابة هذه التساؤلات,, ومن محلات الريال والريالين والخمسة كان الاتجاه. من الأسعار للجودة محل الريال والريالين والخمسة تحولت الى ظاهرة تستحق التأمل,, فقد انتشرت بشكل غير مسبوق,, وهي تحظى باقبال هائل لا تخطئه العين,, وهي توفر البديل للهاربين من جحيم الأسعار,, وحتى ولو كان ذلك على حساب الجودة والنوعية,, وفي هذه المحلات يمكن الحصول على بضائع متنوعة,, فالى جانب مواد التنظيف,, هناك القرطاسية,, والألعاب البلاستيكية,, والأدوات المنزلية,, ومستحضرات التجميل,, وحتى الأجهزة الكهربائية,, أشياء كثيرة,, لا يربط بينها سوى وحدة السعر ورداءة الصنع. ويرى المتسوقون في مجال الريال والريالين ان هذه المحلات تلبي حاجات شرائح واسعة من الناس فهي وان كانت لا تقدم سلعاً ذات جودة أو مواصفات فانها بالتأكيد تعطي ذوي الدخل المحدود خياراً واسعاً للشراء,, الا ان الكثيرين من المشترين من هذه المحلات يعلمون تماماً ان البضاعة ليست جيدة ولن تعمر طويلاً وربما تتلف بعد يومين أو ثلاثة الا انهم يشترونها لسد الحاجة وتدني الأسعار. ويعتقد آخرون ان رخص الأسعار تدفع الكثيرين ممن لا يرغبون في الشراء من تلك المحلات الى الدخول والتجوال في محلات الريال والريالين، علهم يجدون سلعة مناسبة ويدفعون ثمناً لها يساوي ما يدفعونه ثمناً لزجاجة ماء. سبب رخصها ويقر محمد الحمادي بتدني جودة المنتوجات التي تعرض في تلك المحلات وان كثيراً منها عبارة عن بضائع مقلدة,, الا ان سبب ذهاب الكثيرين من الناس اليها يعود الى الأسعار الرخيصة جداً، في الوقت الذي تكون فيه أسعار المحلات الكبيرة باهظة جداً ولا يتمكن الكثيرون من الشراء منها. وأكد الحمادي على ضرورة تكثيف الرقابة على الأسعار والجودة مقراً في الوقت نفسه بأحقية التاجر في الربح,, فالربح وحماية المستهلك يشكلان توازناً مقبولاً عند جميع الفئات، واصفاً فكرة انشاء محلات الريال والريالين بانها جيدة، كونها تخدم فئة كبيرة جداً من المواطنين والوافدين على حد سواء. لا تكلف ويقول عامر السعيد والذي لديه أربعة أطفال ان الأولاد لا يميزون بين المقلد والأصلي، وانه اذا حاول شراء لعب أو قرطاسية لأبنائه الأربعة، فانه سيدفع مبلغاً كبيراً ان هو ذهب الى المحلات الكبيرة، في حين يستطيع شراء أشياء كثيرة ومتعددة يفرح بها الأطفال ولا تكلف الكثير في الوقت نفسه. وهاجم عامر المحلات الكبيرة واصفاً أياها بالخادعة والتي تعتمد على البضائع المقلدة وتضعها في قالب جميل مؤكداً ان الكثير من السلع هي نفسها تلك الموجودة في المحلات الصغيرة وبأسعار زهيدة، منوهاً الى ضرورة أن تقوم وزارة التجارة بدور رقابي أكبر في حماية المستهلكين، ولا يقتصر دورها على مراقبة الأسعار,, بل المواصفات أيضاً. اغراء للمستهلك ويعتقد عبدالله الحميدان لديه خمسة أطفال ان الأسعار في محلات الريال والريالين رخيصة جداً وحقيقية، وتشكل عامل اغراء للمواطن للتسوق، والجميع يعلم ان السلع هناك غير أصلية ومقلدة، الا انك تشتري المقلد بالسعر الحقيقي وأنت تعلم ذلك خلافاً لمحلات أخرى تبيع المقلد بالسعر الأصلي وتخدعك تماماً. ويشير عبدالوهاب السعد أب لأربعة أطفال الى ان احتياجات العائلة لا تنتهي، وان محلات الريالات القليلة تقدم عروضاً رخيصة لمن لديه عائلة كبيرة، مشيراً الى ان المحلات الكبيرة تضع لنفسها هامشاً كبيراً من الربح الأمر الذي يجعل الشراء منها متعذراً فقد اشتريت سلعة ب100 ريال من أحد هذه المحلات وفوجئت بعد أيام بانها تباع ب70 ريالاً في محل آخر. ويرى محمد الظفيري ان فكرة انشاء محلات الريال والريالين، فكرة مجدية للطرفين، فالمستهلك المحدود الدخل يستطيع تلبية حاجاته من خلالها ويجد فيها منفذاً للتغلب على ظروف الحياة الصعبة، والتاجر الذي يعتمد شعار البيع الكثير والربح القليل سيجد نفسه في النهاية يجني أرباحاً معقولة بطريقة سليمة. سيوفرها بالقليل ويقول محمد الثويني ان الوافد عندما يعود الى بلده في الاجازة السنوية يحتاج الى الكثير من الهدايا والألعاب للأهل والأصدقاء وهو اذا اشتراها من المحلات الكبيرة دفع ما جمعه طوال العام ثمناً للهدايا,, أما اذا اتجه لمحلات الريال والريالين والأخرى الصغيرة فانه سيجد طلبه دون الحاجة لدفع مبالغ كبيرة مشيراً الى ان من يعول أطفالاً لا يستطيع تلبية حاجاتهم جميعاً بأسعار تثقل الكاهل كتلك التي تطلبها المحلات الكبيرة. أنتم أحرار في الشراء ويؤكد رضا محمد,, ويعمل مسؤولاً في أحد المحلات التي تبيع بالريال والريالين ان الصناعة لها دور كبير في تحديد أسعار السلع فالجودة أو الماركة التي تحملها السلعة لها دور كبير في فرض سعرها مشيراً الى ان البضائع التي يبيعها لا تحمل ماركات عالمية,, ولذلك فهي رخيصة ويطلبها الوافدون بشكل كبير وكذلك أصحاب الدخل المحدود,, ويقول: نحن نعرض بضاعتنا ونترك حرية الاختيار والشراء للمستهلك، ونحن لا نجبر أحداً على الشراء من محلاتنا، فأسعارنا مناسبة وبضاعتنا غير المغشوشة هي التي تدفع الناس للشراء,, فهم يقارنون ثمن السلعة من المحلات الكبرى، ويجدون فارقاً هائلاً عندنا. ويوضح محمد نعمة الله مسؤول في محل آخر ان البضاعة موجودة في المحلات والشراء قرار خاص بالمستهلك يتخذه بحرية,, ويشير الى ان الكثيرين من زبائنه يؤكدون انهم يجدون نفس البضاعة التي يبيعها هو في محلات كبرى، وتباع بأسعار غير معقولة. زيارة أسبوعية ويقول صالح الأحمد وكان يملأ أكياساً في أحد محلات الريال والريالين انه يأتي الى هنا كل اسبوع تقريباً، لشراء احتياجاته، ويذهله عندما يتوجه للصندوق انخفاض الأسعار، فيجد انه حصل على أشياء كثيرة متنوعة بعشرين ريالاً فقط، مشيراً الى انه يعلم تماماً انها ليست جيدة,, الا انه لا يستطيع شراء ما اشتراه هنا من الأسواق العادية وبنفس السعر الذي يريده مضيفاً ان زوجته طلبت ذات مرة أن يشتري لها مقلاة وعندما ذهب للأسواق الكبيرة وجد ان سعرها لايقل عن 40 ريالاً، وعندما جاء الى محل الريال والريالين حصل عليها بخمسة ريالات وحصل على هدية معها!! المصداقية معدومة ويطالب مساعد البداح الموظف في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية برقابة صارمة على الأسواق ويقول: جميعنا يعلم ان محلات الريال والريالين تبيع سلعاً ليس لها علاقة بالجودة، الا انها على الأقل تضع أسعاراً تستحقها السلعة، في حين المحلات الكبيرة تضع أسعاراً مبالغاً فيها وباهظة، فقد أردت شراء سرير طفل من محل كبير فوجدته ب1100 ريال فترددت في شرائه لأكتشف بعد ذلك انه يباع في محلات أخرى مقابل 600 ريال، الأمر الذي يجعل المستهلك عرضة لمزاج التاجر ورغبته في الربح ويجعل المصداقية بين التاجر والمستهلك معدومة. ويطالب بتكثيف الرقابة على الأسواق والتأكد من أن التجار يضعون الأسعار التي تتناسب مع جودة السلع وتترك للتجار هامشاً جيداً للربح، أما اذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه فان المستهلك بلا شك سيقع ضحية لطمع التجار ولهفتهم الشديدة للربح! التنزيلات الوهمية وفي السياق نفسه، يتفق أحمد عبدالرحمن الحمدان ما ذهب اليه البداح,, ويطالب بتفعيل دور وزارة التجارة حتى لا ينخدع الناس بالدعاية الوهمية لتلك المحلات، وعليهم أيضاً مراقبة ما يسمى بالتخفيضات التي تعلن عنها المحلات، والتي هي في الحقيقة ليست سوى محاولة لترويج بضائع راكدة أو لانتهاء موسمها. ويشير الى ان الكثيرين من الناس يعلمون ان بضائع محلات الريال والريالين رديئة جداً لكنهم خاصة الأخوة الوافدين ليست لديهم القدرة على التسوق من المحلات الكبيرة لذا أصبحوا مجبرين على الشراء منها. ويطالب عمر الرشود باغلاق محلات الريال والريالين,, ويؤكد انها تبيع سلعاً ممنوعة أصلاً في الدول التي صنعت فيها لسبب قد يتعلق بصلاحتها لاستخدام الانسان، كمواد التنظيف ومساحيق التجميل ومزيلات الروائح، مشيراً الى انه قرأ ذات صباح في أحدى الصحف ان مجموعة من المواد التي تباع لدينا لها تأثير مباشر على صحة الانسان!! ويقول انه اشترى يوماً جهاز حلاقة كهربائياً من أحد هذه المتاجر، وعندما نوى استخدامه ووضع السلك في مفتاح الكهرباء احترق الجهاز بسرعة وكان يمكن أن يصاب بالتماس كهربائي، منوهاً الى انه أندهش من سعر الجهاز الذي اشتراه بخمسة ريالات فقط,, وبعد تلك الحادثة فهم لماذا تباع مثل هذه الأجهزة بهذه الأسعار! ظاهرة غير صحية ويتفق كل من عثمان الدويسي وعبدالرحمن السلوم مع الرشود بأن ازدياد محلات الريال والريالين ظاهرة غير صحية وهي مضرة بالاقتصاد الوطني للبلاد وآن الاوان أن تتدخل وزارة التجارة وتحد من انتشارها. في حين يلقي بعض المستهلكين اللوم على المحلات يرى آخرون ان اللوم الأساسي يقع على عاتق وزارة التجارة التي يجب أن تراقب الأسواق بشدة وتمنع الغش التجاري والمواصفات والجودة في السلع التي تباع لدينا، فالأمر لا يتعلق بالأسعار فقط وانما تعدى ذلك الى تهديد صحة الانسان وسلامته، فهناك منتجات كثيرة جداً تباع في محلات الريال والريالين وحتى الأسواق الأخرى تؤثر بشكل مباشر على صحة الانسان كالمواد البلاستيكية التي تصنع منها بعض المواد المنزلية والتي تسبب حساسية وأمراضاً جلدية والمنظفات والصابون والأجهزة الكهربائية!! ويتساءل كل من التقينا بهم ونتساءل معهم عن الدور الغائب لوزارة التجارة.