يبدو الصباح كالمرآة.. تخرج الشارع تقضي غرضا، وتعبر الطريق تتجه لعمل .. تلتقيهم وجوها لا تنبئك بفرح.. ساهمون كأن نكد الدنيا قد انصب في جوفهم.. مقطبون لأمر نام في صدورهم واستيقظ على وجوههم.. يسرعون كأنما سرت في أعصابهم نار غضب اختبأ في عروقهم.. ما الذي يسلب إشراقة الصبح بهجته على سحنات الناس..؟ لماذا يتجافون مع الرضاء وسكينته البيضاء..؟ لماذا لا يضعون الدنيا على الأرض, ويحملونها حملا ثقيلا على رؤوسهم..؟ حتى الصغار في عربات آبائهم، أو مع سائقيهم تراهم صامتون، النعاس عبؤهم، والغياب عن المدرسة حلمهم..! يبدو الصباح موشحا بأثقالهم.., موسوما بهمومهم.. لو ينطق الصباح..؟ أي هموم تركن طويلا في باطن الناس، فلا يكاد يصمت الدَّكنُ على وجوههم..؟ بأي عبء تُثقلُ الجباهُ.., فلا تكاد تنفرج سحناتهم..؟ مكدر صباح الوجوه النازفة رهقا، صباح النفوس الطافحة زهقا.. قلقا عبئا.. وتعبا..!! ألا من يخبر.. بأن النكد له مجراف يمكنه أن يسحقه عن فسحة الوجوه.., بعد أن يلملمه من جوف القلوب...؟! بأن هناك ماءً يشفي الكدر.., يبلسم النكد.., يطهر الأعباء.., يعقم الآهات.., يغسل الأتعاب.., ليكون للصباح بهاؤه..؟ هو أيسر عليهم من أعبائهم وأخف عليهم من نسمة باردة في ظهيرة قيظ.., وليل زمهرير..؟ الاقتراب ... الاقتراب.. فليقتربوا من الله أكثر.. يدبر لهم، ما لا يستطيعون من التدبير, والتدبر.. يجعل لهم إشراقة رضاء، كالتي جعلها للصباح..!! عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855