من الطبيعي هذه الأيام أن نشاهد أحمد عيد وخالد بن معمر المرشحين لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم في عيادة أسنان من أجل تبييضها, لأنه طيلة الحملة الانتخابية يجب أن توزع ابتسامات هنا وهناك لتكسب أي صوت؛ فالابتسامة هي مرحلة مهمة لكن الشاطر من يضحك في الآخر!! أما إذا كنت أحد أعضاء الجمعية العمومية بالاتحاد السعودي لكرة القدم فيجب عليك هذه الأيام «شحن جوالك» جيداً لأنك ستتلقى اتصالات كثيرة من المرشحين، في الاتصال الأول سيشعرك المرشح بأنه مشتاق لك وأنه اتصل من أجل الاطمئنان على أحوالك، وفي اليوم الثاني سيتصل مرة أخرى ويقول لك إنك رجل طيب وخلوق ومحبوب ورائع وكل الناس تحبك، وأنك خبرة رياضية كبيرة يحتاجها الوطن، كل قاموس المدح ستسمعه في هذه المكالمة، أما في اليوم الثالث فسيغريك بمنصب في مجلس إدارته، وأنه قد اتفق مع عدد كبير من أعضاء الجمعية لكي يصوتوا لك، وأن تكون رئيساً لإحدى اللجان، من الطبيعي في هذا الاتصال أن «يسيل لعابك» وأنت تحلم بكرسي رئيس أي لجنة، وينتهي هذا الاتصال وأنت تعيش في حلم جميل، في اليوم التالي يؤكد عليك حضور التصويت وأن تصوت له لأن وصوله إلى كرسي الرئاسة هو طريق وصولك لأحلامك الوردية!! وعندما تنتهي مرحلة التصويت وقبل صدور النتائج ستجد أغلب أعضاء اللجنة العمومية يتصلون على المرشحين وجميع المكالمات تردد فيها نفس العبارة «أبشرك صوتي لك في الصندوق»، ولا تستغرب أنه عندما يتصل بالمرشح الأول ما أن يقفل الخط إلا ويتصل بالمرشح الثاني، ويردد نفس العبارة «أبشرك صوتي لك في الصندوق»... هكذا هي لعبة الانتخابات «اللعب على الحبلين»!! وعندما يفتح صندوق الاقتراع وتعلن النتيجة تجدهم جميعاً يركضون صوب الفائز بكرسي الرئيس وهم يرددون بصوت واحد «أنت الأفضل.. أنت الأحسن... أنت الأجمل»، أما الخاسر فيتأمل الوجوه وهو يردد «خيانة.. خيانة.. خيانة»، لا تزعل يا صديقي الانتخابات مازالت لدينا هي ثقافة تكتلات ومصالح متبادلة وليس شرطاً أن يفوز الأفضل أو الأحسن أو الأجمل!! الأصوات محسومة بغض النظر عن البرنامج الانتخابي لكلا المرشحين والتكتلات واضحة للجميع، والمرشح الذكي هو من يلعب على ورقة الأصوات المحايدة لأنها دائماً في الانتخابات هي من ترشح ميزان الفوز بالأغلبية. بكل تأكيد ستكون هناك أعداد بسيطة لم تقرر بعد صوتها لمن، وهي تنتظر البرنامج الانتخابي لكي تقرر اختيار الأفضل، وهذا الوعي الذي نتمناه، لكن في أول تجربة انتخابية من الطبيعي أن يكون العقل غير حاضر، فالعاطفة والمصالح سوف تشتري ضمير الكثير من الأعضاء!! أحد المرشحين ارتكب خطأ فادحاً، وهذا يكشف جهل القائمين على حملته بالترويج إعلامياً لهذا المرشح الذي ظهر بصورة وهو «يمسك كرة قدم في يده»، لغة الجسد لها تأثير كبير في الانتخابات فإن إمساكه كرة تركل بالرجل في اليد، يعطي إيحاء بأنه «شخص غير منظم، وأنه يستخدم أشياء في غير مواضعها»، وإمساكه الكرة بتلك الطريقة يعطي إيحاء آخر «بأنه متسلط ويحب السلطة والاستحواذ على القرارات»، والخطأ الأكبر وهو يمسك كرة القدم في يده وهو بالزي السعودي الرسمي مما يكشف جهله بالأنظمة واللوائح التي تمنع النزول إلى الملاعب السعودية بالزي الرسمي، هذه الأخطاء ربما تغير قناعات الكثير أو تجعل الأصوات المحايدة تذهب إلى المرشح الآخر، ربما لو كان للعقل كلمة وليس العاطفة!! لغة الجسد مهدت الطريق لأوباما بالفوز على رومني في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وهذا ما أكده بيجي هاكني الذي يعمل في مختبر تحليل الحركات التابع لجامعة نيويورك، فقد اختبر لغة الجسد عند كل من الرئيس أوباما والمرشح الجمهوري رومني في عدد من الخطابات واللقاءات، ومن أهم التحليلات التي نشرت «أوباما يطبطب بيده على كتف رومني» أمام الجماهير كمداعبة الأطفال.. حركة فُسرت من المختصين بأنك مازلت طفلاً أمامي!! فعلى المرشحين لكرسي رئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدر الحذر من حركات «الطبطبة على الأكتاف» لأنه هناك عيون تترصد، فمن الشاطر ومن يعرف فنون «الطبطبة»!! سوف نسمع هذه الأيام كلاماً معسولاً من المرشحين وأحلاماً وردية وطموحات كبيرة تتجاوز حدود الإمكانات وخططاً إستراتيجية، فهذه هي الانتخابات ما بين تبييض الأسنان والكلام المعسول!! على الطاير: لا جديد.. مجلس أعضاء شرف الهلال تسكنه الحكمة والدعم المادي والمعنوي، والأمير بندر بن محمد الخيار الأفضل لرئاسته، فهو صوت مؤثر في رياضتنا السعودية. عندما تفرغ رئيس النصر للأمور الإدارية وترك الأمور الفنية للمدرب بعدم جلوسه على دكة الاحتياط مجبراً بالإيقاف، ظهر النصر بثوب مختلف ومستوى مميز!! تجربة أحمد عيد في الإدارة المؤقتة سلاح ذو حدين قد ترفع أسهمه في الانتخابات أو تكون ضده بسبب بعض قراراته!! خارج النص: ونحن نعيش تجربة الانتخابات لاتحاد كرة القدم تذكرت قصيدة الشاعر بيرم التونسي عن المجلس البلدي قد يختلف المجلسان في مهام العمل، لكن هناك توافق في لغة المصالح: قد أوقعَ القلبَ في الأشجانِ والكَمَدِ هوى حبيبٍ يُسَمّى المجلس البلدي أمشي وأكتمُ أنفاسي مخافةَ أنْ يعدّها عاملٌ للمجلسِ البلدي ما شَرَّدَ النومَ عن جفني القريحِ سوى طيف الخيالِ خيال المجلسِ البلدي إذا الرغيفُ أتى، فالنصفُ آكُلُهُ والنصفُ أتركُه للمجلس البلدي وإنْ جلستُ فجَيْبِي لستُ أتركُهُ خوفَ اللصوصِ وخوفَ المجلسِ البلدي وما كسوتُ عيالي في الشتاءِ ولا في الصيفِ إلاَّ كسوتُ المجلسَ البلدي كَأنَّ أٌمّي بَلَّ اللهُ تُربتها أوصَتْ فقالت: أخوك المجلس البلدي أخشى الزواجَ إذا يوم الزفافِ أتى أن يَنْبَرِي لعروسي المجلسُ البلدي ورُبَّمَا وَهَبَ الرحمنُ لي ولداً في بَطْنِها يَدَّعيه المجلس البلدي وإنْ أقمتُ صلاتي قلتُ مُفتتحاً اللهُ أكبرُ باسم المجلس البلدي أستغفرُ الله حتى في الصلاةِ غَدَتْ عِبادتي نصفُها للمجلس البلدي يا بائعَ الفجلِ بالمِلِّيمِ واحدةً كم للعيالِ وكم للمجلسِ البلدي ** هنا يتوقف نبض قلمي وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل سبت وأنت كما أنت جميل بروحك وشكراً لك. [email protected] مبتعث دراسات عليا بالإدارة الرياضية - أمريكا - تويتر @ibrahim_bakri