حين نظرت النظرة الأخيرة على جسده الطاهر وهو ينزل إلى (القبر) اغرورقت عيناي بالدموع الحارة وقلت الله أكبر الله أكبر يا أبا (إبراهيم). بالأمس تحدثني بالهاتف بروح متفائلة بالخروج من المستشفى والآن جسدك تحت (الثرى). إنها قدرة الله ولا راد لقضائه وقدره، فنحن سائرون وراءك يا أبا إبراهيم اليوم أو غداً أو الذي يليه لأن الدنيا رحلة قصيرة تجمع (الأحباب) وتفرّقهم في لحظة عابرة صادمة حزينة ولكن ما يثلج الصدر ويخفّف الألم أن خاتمة الصديق القريب الحبيب عبدالعزيز إبراهيم الرويتع كانت حسنة وهذا من فضل ربي عليه لأن (نواياه) حسنة وأفعاله أكثر حسناً وبهاءً فقد كان (كريماً) تشهد له السنين بذلك وكان وفياً مع (الأباعد) قبل الأقارب، وكان باراً برحمه وباراً بوالديه قبل وفاتهما وبعدها - رحمها الله- وباراً بخالته (منيرة) التي سبقته إلى الآخرة قبل شهر واحد فقط، حيث صلى عليها وهو (يبكي) في جامع الملك خالد بأم الحمام في يوم عيد الأضحى وبعدها بثلاثين يوماً فقط صلينا عليه وفي نفس المكان وعقب نفس صلاة العصر..! هل أحدثكم عن كرم ورجولة ووفاء أبا إبراهيم أم أحدثكم عن طيبة قلبه وحسن معشره ولطفه ورحابة صدره. لقد فقد صاحبي ورفيق دربي اثنين من أصدقائه هذا العام، وقد سبقاه بعدة أشهر فقط في الوفاة ولكنه لم ينسهما، حيث تصدّق عنهما في رمضان وضحى لهما بأضحية في عيد الأضحى الأخير وأكثر من ذلك أن أحد الأقارب ذكر له حاله امرأة تقوم بالغسيل الكلوي وأنها مسنة وفقيرة ومن الصعوبة أن تذهب إلى المستشفى كل يومين لإجراء الغسيل الكلوي فتكفّل - رحمه الله- بشراء الجهاز الخاص بغسيل الكُلى بمبلغ مالي كبير لهذه المريضة التي تدعو له ليل نهار. وخصال وسجايا أبي إبراهيم عليه شآبيب رحمته لا تعد ولا تحصى جعلها الله في (ميزان حسناته). (عشرون عاماً) يا عبدالعزيز ونحن نلتقي لا نكاد نفترق يوماً إلا لظروف أحدنا العائلية والعملية، عشرون عاماً هي رحلتنا مع بعض والتي انتهت يوم الأحد الخامس والعشرين من نوفمبر 2012م ذلك اليوم (الحزين) الذي فرّقنا إلى الأبد بعد أيام وأشهر وسنين من الصداقة الحميمة والود المتبادل والعشرة النقيّة! يعلم الله أن الحزن أيها الحبيب لم ولن يفارقني فقد غبت عن ناظري (جسداً) ولكنك لن تغب عن بالي أبداً. وسأظل أذكرك في النهار والليل وأدعو لك كما أدعو لوالدتي الغالية - رحمها الله والمسلمين أجمعين في كل حين. لن أنساك يا إبراهيم فأنت أخي الذي لم تلده أمي، وأنت نعم الصديق الصدوق الوفي الذي لن يتكرر، فأرقد يا صاحبي في قبرك (مطمئناً) هانئاً بحول الله، فما فعلته في دنياك القصيرة يشفع لك بإذن الله أن تكون ممن سيسرون في حوض الجنة. اللهم اجعل قبر أبي إبراهيم نوراً وروضة من رياض الجنة وعوّضنا فيه خيراً وألطف بحرمه المصون وأطفاله الصغار الأربعة إبراهيم، ومحمد، والجوهرة، ومنيرة.. إنهم بحول الله وقوته سيسيرون على نهجك وإن فقدوك وفقدوا حنانك صغاراً فإن الله سبحانه وتعالى سيعوّضهم حناناً ولقاءً بك في الآخرة. اللهم اغفر وارحم لأبي إبراهيم واجمعنا به والمسلمين في جنات النعيم يا أرحم الراحمين. .. وداعاً أيها الحبيب، فالدنيا اسودّت في وجهي ولا تسوى شيئاً بعد رحيلك وفراغك الكبير الذي تركته في قلبي {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.