وعيشي بعد أمي لا يطيب ولو أن الجبال فقدن أماً حجارتها الجوامد قد تذوب يعاودني التذكر كل يوم وهل يُمحى من القلبِ الحبيبُ» في هذه الحياة نعيش فيها ما بين فرح تارة وألم تارة أخرى.. وفيها من المفاجآت الكثير.. نسمع بنبأ الرحيل فنصعق ونفتقد أحبابنا بلا استئذان! بالأمس كانت والدتي بيننا.. ملاكاً حارساً وحضناً دافئاً.. زرعت فينا بالتوجيه والإرشاد الأصيل من القيم.. - صلة الأرحام - البر بالقريب والبعيد - البذل والسخاء.... ولكنه القدر الذي يجب علينا الإيمان به.. وأن لكل نفس أجلاً كما قال تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ .. وقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ .. كانت رحمها الله تحرص على الصدقة للمحتاجين وتنفق وهي مطمئنة.. كانت زاهدة لا تعجبها ملاهي الدنيا وزينتها.. وكانت نقية القلب لا يخالطها حقد أو حسد أو غل على أحد.. وكانت -رحمها الله- لا تشق على أبنائها وبناتها في طلب أي شيء منهم.. والحمد لله والشكر لك ربي أن رزقتها الأبناء والبنات والأحفاد والأسباط.. الذين حفّتهم وظللتهم كشجرة وارفة بحنانها وعطفها ورعايتها.. وسيبقون ذكرها دون انقطاع بحول الله.. نعم! ستظلين في ذاكرتنا دائماً.. ليتك نظرتِ لحالي وحال إخواني وأخواتي بعد فقدك.. وليتكِ علمتِ مقدار الأسى والدموع والعبرات التي اكتوت بها نفوسنا أثناء مرضك.. وزادت بعد موتكِ.. نعم.. يا والدتي -أم عبدالله كما تحبين أن تنادَي- رحلتِ بسيرتك الثرية وتركتِ لنا إرثاً ثقيلاً قد ننوء بحمله لكننا نعاهدكِ بأننا سنكون على العهد كما علمتينا.. لنفي ببركِ بعد وفاتك.. وبعد أن ودعناك وتركتِ لنا ذكراكِ العطرة.. استعرضنا كل الأشياء الجميلة في حياتك بأن ماقمنا به من أعمال تجاهكِ -يا والدتي- كانت خجولة إذا ما قورنت بما عملتِه لنا وأحفادك.. والدتي لقد حثوتُ التراب على قبركِ وقلبي يتفطر ألماً على رحيلك ومازالت دموعي تعاودني ومازالت ذكراكِ أمامي أسلّي بها نفسي التي اكتوت برحيلك.. يالله! ما أقسى وداعكِ! وما أوحش الدار! يا حزن الصغير ودمعة الكبير وكمد الصديق! رحمك الله -يا أماه- رحمة تسع السماوات والأرض وجزاك عنا خير الجزاء.. شكراً لكل قريب واصل.. ولكل صديق وفي.. كنتم حولنا في محنتنا ملاذاً -بعد الله- نلوذ إليه في أشد لحظات الحزن وفي أقسى ساعات الرحيل.. لا أراكم الله مكروهاً في عزيز لديكم ورحم الله موتانا وموتاكم وجمعنا وإياهم في دار كرامته.. آمين. علي بن صالح اليحيى