لم أجد للموت تعبيراً، سوى لغة رحيله الصامت، وحروفه المخنوقة، ولسانه الدموع، حين تنتهي بنا رحلة الحياة فوق قارعة البكاء، ويأتي ملك الموت؛ لانتزاع الأرواح، وكأن بعد الموت - الذهني الفطري -، يحتمي بمسلمة حقيقية، هي قول الله - تبارك وتعالى -: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}. ما سبق كان حديثا مطلقاً غير مقيّد، فكل الأحلام، والآلام، والدموع، بعد الفراق لا تجدي، إلا من أدرك أهمية الحياة، وأيقن أن الموت حق، وأصر على الانتماء إلى الأحياء، وهو في باطن الأرض بأعماله الصالحة. أبا عبد الله: كلنا يرى حبيبه مثل ما أنت تراه، فتتضاعف الأحزان، ويتجدد الأسى، إلا أن للفراق علينا حق احترامه، بعد أن خلفتها التفاصيل النهائية بحكاية أليمة، إذ لا خلود لبشر مهما علا قدره، أو ارتفعت مكانته عند الله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}. فتلك هي الحقيقة المرة التي لا يختلف حولها اثنان، وهي المعادلة المصيرية التي يخضع لها كل ضعيف، وجبار، فتنحني لها - حينئذ - الجباه. سيميل الورد حزناً على غيابها، وسنحتضن جرح الزمان بعد فراقها، وستغيب أقمارها في السماء بلغة الموت. ولن ننتظر بعد هذه اللحظة بزوغ القمر؛ لنشكو له ألم الفراق، وسنودع الماضي بلا أمل للعودة، وسنشم رائحة الحزن المنبعثة من أعماقنا، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، بأن يرحم الله فاطمة بنت منصور الحمد المالك - رحمة واسعة -، وأن يفرغ صبره على والدها، وأولادها، وزوجها، وأن ينزل عليهم السكينة التي بها تهدأ نفوسهم. [email protected] باحث في السياسة الشرعية