1). مهرج جبان: تمدد على أريكته العتيقة.. ذات اللون الباهت لدرجة تداخل ألوانها من أثر ضجره.. يضع رواية لفرجينيا وولف على الطاولة القريبة، استعصت على القراءة منذ ما قبل الأمس؛ ولم تصبه بعدوى التفاؤل!.. ولا حتى" اسم الوردة" لأيكو ستساعده على التمرد.. يرمق آخر قضمة تفاحة له، تذكر انها حمراء أكثر مما يجب.. أثر صفة أسنانه المعوجة، رغم مدح والدته قديماً لتلك الأسنان في جلسات الضحى مع نساء الحي العاطلات!؟ أووف.. نسوةٌ لا يملّن من لوك الحكايات التافهة والنوادر الجنسية وقصص التذمر المعهودة من أزواجهن وتدبير المكائد لمن حولهن!.. يااه.. نشف ريقي؛ فارتشفت ماءاً كنت أضعه بالجوار؛ اكتشفت بعد أن وقع عليه بصري إثر بعوضة نافقة في قعر الكوب الذي لم تطله يد الغسيل منذ فترةٍ طويلة.. استغرب من أين دخلت تلك اللعينة والمكان مغلق تماماً، لم افتح شبابيك المكان منذ أكثر من عيد مضى!؟.. أهرش جسدي وأطرافي اللدنة التي تقاوم التنمّل وتشتيت سورة ملل؟ أتثاءب.. اتذكر أن غداً بدء إجازتي السنوية التي لم أخطط لها؛ إنها الثانية فجراً.. لا أعلم لماذا أخذتها في هذا الوقت تحديداً.. على غير المعتاد؟ أحملق بسقف الغرفة، جميلٌ أن بقيت إحدى المصابيح تقاوم الزمن.. أشعر بدوائر معتمة على امتداد بصري؛ أحاول تذكر تلك اللحظات التي منحتها لي أحداق الصغيرات وأمهاتهن هذا المساء؛ حتى كلمات الإطراء والثناء من آخر الحاضرات لعرضي الترفيهي الذي اعتدت المشاركة به من حينٍ لآخر في ذلك المجمع التجاري الكبير.. كانت تلوذ صمتاً أثناء استعراضي للقفشات الكوميدية وأنا بداخل الدمية أكاد اختنق، بقيت وحدي بعد أن انفض الجمع.. آخذاً قسطاً من التقاط الأنفاس؛ وألملم حاجياتي التي بعثرها فضول الأطفال وفوضويتهم.. من دون باقي الوجوه؛ لا أدري لماذا وجهها فقط هو ما انتشلته ذاكرتي!؟.. رغم ازدحام الوجوه الملونة على تلك الذاكرة التي تنوء بحملها.. كانت آخر من غادر من الحضور.. لا زلت أذكر التفاتتها لي..وهي تمشي بتثاقل.. ثم واصلت المسير نحو قرص الشمس في آخر المدينة!!.. 2). مرتبة سرير: مضت عشرون سنةً منذ اجتمعا كزوجين.. أو تكاد (فالأشهر عندئذ لا أهمية لها).. لم تكن ابنة عمه؛ ولا بنت الجيران.. ولا زميلة عمل!.. هكذا وجدها أمامه ذات احتقانٍ مداري.. تمت الأمور بسرعة؛ وبترتيبٍ دراماتيكي بما يشبه لعبة التركيبة الورقية!؟.. ذلك الترتيب الذي يناسب معظم زيجات وقته، واعتركتهما الحياة سريعاً و.. و.. تمت تلك العشرون خريفاً بسلامٍ لا يخلو من ملح وفلفل.. وشيءٍ من رائحة شياط وبعض شعيراتٍ هنا وهناك في حساء الحياة وكبديتها!.. تلك الكبدية التي بات يقنع بها نفسه مؤخراً.. ويعزيها معتقداًً أنها هي الأصل.. ذات صفاء مفتعل اتفقا أن يقلبا مرتبة السرير؛ حيث بدت أخاديدها المتباعدة تظهر للعيان.. اليوم..غداً.. نهاية الأسبوع!.. لم يحتاجا بعد ذلك لكل هذا العناء.. هو؛ غالباً ما أخذه النوم على أرائك المنزل المتناثرة بلا ذوقٍ ولا هدى، رغم رائحة تململ الأطفال!.. وهي؛ باتت تفضل النوم في غرفة الصغيرات-هرباً من طلباته العاجلة الخالية من الذوق والتي تأتي على حين غرة- بحجة مساعدتهن على النوم!؟.. بفعل خدر الحكايات التي تنام هي قبلاً.. من تأثيرها!؟.. لم يتذكر يوماً أنها حكاءة من أي درجة.. بل ربما جعلتها واقعيتها البئس؛ قطعة أثاثٍ متناثرة..