أكرمني الإعلامي القدير الدكتور زهير الأيوبي برسالة تعقيبية على مقالي المنشور في هذه الزاوية بتاريخ الثامن من ذي الحجة من هذا العام، بعنوان « في ذكر سيرة من غابوا عن الإعلام وفاء وتقديرا» وقد تفضل الدكتور زهير بالتذكير بأسماء فاتتني، وبتصحيح أسماء آخرين، وهو ما طلبته ممن عاصروا فترة نشأة الإذاعة والتلفزيون؛ تلك الفترة المبكرة من تأريخنا الإعلامي منتصف الثمانينيات الهجرية من القرن الماضي وما بعدها بسنوات إلى عام 1398ه وهي السنة التي التحقت فيها بالإذاعة ثم بعدها بأربع سنوات بالتلفزيون؛ ولذلك فإنني أنقل من ذاكرة من تحدث إلي أو قرأت عنهم، وفي ذاكرة الرواد الأوائل ممن عاصروا وعايشوا تلك المرحلة الكثير مما يستحق التدوين؛ ولذلك لازلت أطالبهم بكتابة سيرهم الذاتية بالتفصيل، وسرد وقائع الأحداث التي مرت، والظروف الاجتماعية التي صاحبت المغامرة بتجارب التحديث وإدخال ما لم يألفه المجتمع آنذاك، مثل عمل المرأة كيف بدأ، واستخدام الموسيقى، والتمثيليات الدرامية والشعبية، والحفلات الغنائية وغيرها، ومما يحسن ذكره أيضا الإشارة إلى الأسماء التي واكبت تلك المراحل من معدين وإدرايين وفنيين ومراقبين من رسميين ومتعاونين، وهو ما فعل شطرا منه الدكتور زهير في عديد من مقالاته التي أحتفظ بها؛ باعتباره راصدا دقيقا وأمينا على تلك المرحلة، وإن كنت أتمنى التفرغ لكتابة ذلك التاريخ في سيرة ذاتية موسعة مع التخفف من المجاملات أو المدائح أو الاعتناء بأسماء معينة؛ وإنما الشرط في هذا التدوين الموضوعية والتجرد كأمانة تأريخية مع عدم إغفال الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بالعمل الإعلامي، ولعل هذا الرصد المؤمل من قامة إعلامية كبيرة مشهود لها بالنزاهة والاعتدال وموثوق بما تكتبه سيكون لها شأن في الاعتماد عليه عند الرجوع إلى تأريخ تلك المراحل، وأود أن أشير بكثير من الإعجاب إلى ما كتبه الدكتور بدر بن أحمد كريم الرائد الإعلامي المعروف في سيرته المعروفة « أتذكر « من معلومات تستحق التقدير، وتحفظ شيئا غير قليل من أحداث مرحلة التأسيس الإعلامي الأولى، ولكنه أيضا لم يكن مهموما بالمحيط أو الشخصيات قدر اهتمامه في كتابه هذا بتجربته الذاتية وما وجهه من مشقة في بداية طريقه الإعلامي، وممن استفاد، وبمن التقى، وكيف أنه اقتطف الفرصة التي سنحت له آنذاك بصحبة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله في كثير من رحلاته وزياراته في الداخلوالخارج. أطالب وبإلحاح أن يكتب الرواد والجيل الثاني تجاربهم وسيرهم؛ لأننا بهذا التدوين نحفظ جزءا مهما من تأريخنا الثقافي والإعلامي، ومن هؤلاء الذين أناشدهم كتابة سيرهم مع حفظ الألقاب واختلاف المراحل: جميل الحجيلان، عبدالله راجح، صالح مهران، عبدالرحمن الشبيلي، حسين نجار، محمد حيدر مشيخ، عبدالرحمن يغمور، عمر محمد كردي،عبدالرحمن المقرن، محمد بن إبراهيم الهويش، عبدالكريم الخطيب، محمد الفهيد، محمد بن عثمان المنصور، علي بن عبدالعزيز الخضيري، عايض الردادي، بندر الدوخي، بكر باخيضر، عبدالله بن عثمان الشايع، راشد بن عبدالعزيز الدريهم، عبدالله بن سليمان الخريف، محمد الضراب، دلال عزيز ضياء، نوال بخش، سلوى شاكر، وغيرهم ممن عاصروا مراحل النشأة ثم الانطلاقة الإعلامية الكبيرة التي ازدهرت وتميزت لاحقا في فترات مختلفة متقطعة. إنني حين كتبت مقالتي تلك لم أرتد جلباب المؤرخ وإنما توشحت برداء الوفاء لأعلام خشيت أن تدفنهم السنوات اللاهثة الراكضة، ونحن مجتمع دفان مع الأسف، سيد اللحظة من في الصورة فحسب؛ وبخاصة أن الإعلام الجديد بكل مستوياته يكاد يمحو من الذاكرة كل الأجيال السابقة، ولو كنت متصديا لتأريخ الإعلام السعودي لكنت توسعت في كتابة مقالات مطولة على حلقات في موضع آخر غير هذه الزاوية التي تحاصرني دائما بمساحتها وتكاد تكتم أنفاسي، ولولا سعة صدر رئيس التحرير الأستاذ الكريم خالد المالك وتقديره الذي أعتز به لرمى بكثير مما تمدد وخرج عن المساحة المقدرة، فله الشكر والثناء على جميل تقديره ورعايته. وقد قادتني الأفكار المتداعية إلى مناحي لم تبعد كثيرا عن هم تدوين المرحلة وتكريم المميزين؛ وأكاد أن أكون أنسيت رسالة الدكتور زهير اللطيفة التي ذكرت وصوبت؛ فقد أشار - أكرمه الله - إلى اسم الأستاذ عبد الرحمن زارع، وظن أنني أعني خالد زارع رحمه الله، وإنما كنت أعني المخرج الشاب عبدالرحمن زارع الذي توفي عام 1412ه في حادث سيارة وكان في رحلة عمل إذاعية مع الزميل خالد الشهوان إبان معركة تحرير الكويت، والشكر موصول لتعديل اسم فاطة المنديلي ومنير شما اللذين وردا: شريفة وسمير، وغاب عني ذكر الإذاعي الأول في عهد الملك سعود رحمه الله الأستاذ بكر يونس والد الإعلاميات المعروفات دنيا وسناء ووفاء وفاطمة، وقد جلست معه في أواخر أيام حياته مطلع عام 1400ه بمقر التلفزيون القديم إبان إدارة الأستاذ محمد الفهيد، وكان الأستاذ بكر بنحافته الملحوظة وبقامته المديدة فارعة الطول يجلس على كرسي حديدي عند مدخل مقر التلفزيون على الرصيف يشاهد الآتي والرائح ويتونس بمن يجاذبه الحديث. وأشار الدكتور زهير أيضا إلى بعض من لم أورد أسماءهم مثل المراقب الديني واللغوي الشيخ ثاني المنصور الذي خلفه الشيخ محمد الهويش، وإلى أبي تراب الظاهري، وماما أسماء زوجة عزيز ضياء، وسلوى إبراهيم شقيقة الوزير جميل الحجيلان، وعلي العودان، ومحمد الضراب، وفوزان عبد العزيز الفوزان، ومراد تركستاني، ورميان الرميان، وطلال عشقي، وعبدالله هليل، وسعود الضويحي، ومحمد مصطفى الخواجا، وحسن الطوخي، ويحيى حسن كتوعة، وصدقة محلاوي، وعبد الكريم نيازي , وغيرهم مما لا يتسع المقام لذكرهم. فشكرا للدكتور زهير على تفضله بهذه الإضافة وبارك الله في ذاكرته وجهده ومتعه بالصحة والعافية. [email protected] mALowein@