خلَّدت الآيات العطرة في القرآن الكريم العديد من المواقع الآثارية والأماكن التاريخية في مكةالمكرمة، وأحدها غار ثور. وغار ثور مَعلم بارز في رأس جبل ثور، أحد الجبال الشمالية عن العاصمة المقدسة. وبقي حصن غار ثور في ذاكرة التاريخ الإسلامي يحكي قصة ثاني اثنين إذ هما في الغار، وكان عونًا بعد عناية الله - عز وجل - في حماية رسول الله - صلى الله عليه و سلم - والصحابي الجليل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - من كفار مكة. مكث النبي - عليه الصلاة والسلام - وصاحبه الجليل في غار ثور ثلاثة أيام اختباء من المشركين المطاردين لدعوة الحق، وبعد خروجهما من الغار باتجاه المدينةالمنورة تحول غار ثور لذكرى ليست عابرة، يرويها التاريخ للأجيال من خلال قوله الله تعالى {إِلاَّ تَنصُرُوه فَقَدْ نَصَرَه اللّه إِذْ أَخْرَجَه الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِه لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّه مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّه سَكِينَتَه عَلَيْه وَأَيَّدَه بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَة الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَة اللّه هِي الْعُلْيَا وَاللّه عَزِيزٌ حَكِيم} الآية 40 سورة التوبة. واتجهت أقوال تاريخية إلى أن غار ثور هو أول حصن في الإسلام تحصَّن فيه الرسول الكريم وصاحبه الصديق بعد إعلان الدعوة السماوية؛ حيث آوى إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - وهما في طريقهما إلى المدينة في رحلة الهجرة النبوية، فدخلا فيه حتى إذا هدأ طلب قريش لهما تابعا طريقهما، وفي أثناء وجودهما في الغار جاءت قريش تبحث عنهما، حتى وقفت على فم الغار، إلا أن الله ردها بفضله وقدرته. يقول أبو بكر - رضي الله عنه «لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه» فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» رواه البخاري ومسلم. ويشمخ الغار في الجهة الشمالية أعلى جبل ثور المعروف باسم «جبل أكحل» جنوبمكة في سهل وادي المفجر، ويفصله عن باقي جبال مكة فجّ المفجر والطريق الدائري القادم من الطائف والمشاعر إلى جدة، وبجواره حي اسمه حي الهجرة. ويرتفع الجبل 760م عن سطح البحر، سهل أدناه وعر أعلاه، وهو ذو مسالك صعبة المرتقى، وعلى الرغم من ذلك تجد الحجّاج والعمّار والزوار يصعدونه للاطلاع عليه ومشاهدته. وللتوعية الدينية والثقافية تجاه الجبل خصصت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي في مكةالمكرمة مركزًا خاصًا للتوجيه والإرشاد، من أي سلوك أو مخالفة شرعية. وتوزع الرئاسة مئات الكتيبات والمطويات التوعوية والتثقيفية بلغات عدة، وتنشر دعاة من أجل التوجيه والتنبيه خاصة في موسمَيْ الحج وشهر رمضان المبارك، اللذين تشهد فيهما مكةالمكرمة كثافة كبيرة من وفود الرحمن.