القبول بالهزيمة ثقافة غائبة في مجتمعاتنا العربيَّة، ولا أبالغ حين أجزم بأن غيابها يمثِّل الجدار الأسمك الذي يحول دون استفادتنا من أخطائنا ومراجعتنا اخفاقاتنا وإصلاحها. وفي تاريخنا العربي تجبر تقاليد الفروسيَّة العربيَّة الفرسان على احترام وحفظ قدر الخصوم حتَّى لو وصلت العداوة بينهما كبد السَّماء! مكمن الخلل في تفكير الرافضين للهزيمة في أنهم لا يؤمنون بحقيقة تعدد الجولات وتوالي الفرص؛ لذا فإنّ الانتصار اللحظي يمثِّل لهم خط النهاية إلى الأبد والاستسلام إلى الدعة والخمول بل والغياب عن ساحة المنافسة نهائيًا.. ليس من الصعوبة ملاحظة هذه السمات والسلوك في ممارسات الأفراد في المجتمعات العربيَّة؛ فهي عامة تحيط بنا من كل اتجاه، لكن رسوخها في المؤسسات والمنظمات يمثِّل أزمة إدارة وقيادة حقيقيَّة، تعطل من فعاليَّة أداء العمل المؤسسي، وتُحِدُّ من إبداعه في ساحة المنافسة! روي عن أحد الحكماء أنه أثنى على خصمه المنتصر.. حتَّى استكثر أحد الجالسين عليه ذلك فقال الحكيم: هذه هي الوسيلة الوحيدة لأرفع قدري بعد الخسارة!! أخيرًا، بقي أن أقول: إن الإيمان بالمنافسة هو نقطة البدء في مواجهة المنافس؛ فالواقع يتغيّر، والتحولات تتسارع.. ولا يسعني في الختام إلا أن أتذكر مقولة سيمون كندسون: في تحدي المنافسة سيعضك المنافس وأنت تعدو مسرعًا.. فإذا توقفت مكانك وتعطلت حركتك فإنَّه لن يكتفي إلا بابتلاعك في لقمة واحدة! دمتم بودٍّ، وإلى لقاء. عبر تويتر: fahadalajlan@