في عدد الجزيرة 14584 تاريخ 15 من شهر شوال 1433ه كتب محمد عبدالله الفوزان مقالا يعقب فيه على مقال الدكتور محمد بن يحيى النجيمي الذي يعقب فيه على مقال الدكتور جاسر بن عبدالله الحربش المنشورين في عددي الجزيرة رقم 14564 في 25-9-1433ه ورقم 14566 في 27-9-1433ه يقول الفوزان في تعقيبه هذا أن الدكتور النجيمي يمثل تياراً يتمسك بخيوط الماضي في الطب، ويفضل خلطات العجائز ووصفات أعشاب العطارين وممارسة الحجامة والكي والنفخ والنفث على الطب الحديث وتخصصاته وأدويته التي ثبت فاعليتها وندرة آثارها الجانبية بخلاف الطب القديم الذي له آثاره الخطيرة، كما أنه يتشبث بأهداب العادات والتقاليد الاجتماعية الغابرة ويمانع التجديد في الحياة الاجتماعية العصرية التي لا تتعارض مع ثوابت ديننا الاسلامي الحنيف مثل ممارسة الرياضة النسائية وقيادتهن للسيارة وتولية المرأة منصب قيادة في الدولة وفي القطاع الخاص، وطالب هو ومعه كثير من المشايخ ونافح عن حقوق المرأة السعودية مثل أن يكون نصاب المرأة في التدريس أقل من المدرس الرجل وأن تزاد إجازتها الاضطرارية، وأن تكون إجازة الأمومة ست سنوات، وأن تكون خدمة المرأة ثلاثين عاما وأن لا تتناوب الطبيبات والممرضات الفتيات السعوديات ليلا.. وأخيراً يسأل الدكتور النجيمي بقوله: هل الحجامة والرقية والكي والعلاج بالأعشاب ووصفات العطارين تعتبر طباً إسلامياً وسواها غير ذلك؟ والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله».وقال: تداووا عباد الله.. وتعقيبي على ما جاء في هذا المقال: أولا: تقول إن الدكتور النجيمي يتمسك بخيوط الماضي في الطب ويفضل خلطات العجائز ووصفات أعشاب العطارين وممارسة الحجامة والكي والنفخ والنفث على الطب الحديث.. يا سبحان الله.. كيف تدعي ذلك وما تمسك به الدكتور فهو طب نبوي معروف ومشهور، واقرأ معي قوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح الإمام البخاري والإمام مسلم: «إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار» وقد احتجم عليه الصلاة والسلام وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به حسبما جاء في البخاري ومسلم؛ لأن في الحجامة منافع كثيرة وأوقاتها حسبما جاء في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- الذي أخرجه الإمام الترمذي وحسنه وأبو داود من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء، وهذا الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه في صحيح أبي داود وحسنه الألباني. والتداوي بالعسل من الأدوية التي أمر بها رسولنا الكريم وفيه منافع عظيمة لأجسامنا ويعتبر غذاء من الأغذية ودواء مع الأدوية وشرابا مع الأشربة، والكي فإن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ وأُبي بن كعب رضي الله عنهما يوم الأحزاب، كما اكتوى غير واحد من الصحابة؛ فقد بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أُبي بن كعب طبيباً لما رُمي يوم الأحزاب في أكحله فقطع منه عرقا ثم كواه عليه وأخرج هذا الحديث الإمام مسلم من حديث جابر بن عبدالله في كتاب السلام باب لكل داء دواء، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه وصف الكي ثم نهى عنه وإنما أبيح للتداوي به عند الحاجة الملحة إليه، كقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري أو لذعة بنار توافق الداء. ومن الأدوية التي أمرنا بالعلاج بها الحبة السوداء، فقال عليه الصلاة والسلام: في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام، والسام هو الموت.. فهذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه والإمام مسلم أيضا في صحيحه، كما أمرنا -صلى الله عليه وسلم- بالتداوي بالقسط الهندي، وهو نوعان: أسود وهو المسمى الهندي وأبيض وهو البحري.. ودلت السنة على التداوي بالقسط، قال عليه الصلاة والسلام للنساء علام تدْغَرْن أولادكن بهذا العلاق؟ عليكن بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية: يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجنب.. هذا الحديث متفق عليه من حديث أم قيس بنت مِحصن أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. والعذرة دم رطب يغلب عليه البلغم يجتمع في الحلق فيأخذ الطفل وجع في حلقه وأما ذات الجنب ألم يعرض في نواحي الجنب وهو مرض خطير ودواؤه النافع القسط الهندي، وهناك أدوية كثيرة أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل السنا والذريره وألبان الإبل وأبوالها فهذه الأدوية موجودة عند العطارين. أما قولك: إن الدكتور النجيمي ومعه كثير من المشايخ نافح عن حقوق المرأة السعودية ...إلخ، ما ذكرت فهذا أمر يختصون به، فهم أدرى وأعلم بما يقولون، والآن: اذكر دليلاً شرعياً واحداً يؤيد ما تعترض به على هؤلاء المشايخ فيما طالبوا به؛ مثل ألا تقود المرأة السيارة، وأن لا تناوب الطبيبات والممرضات الفتيات السعوديات ليلا في المستشفيات، هذا ما أردت إيضاحه، والله ولي التوفيق. - المراجع: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وكتاب (التحصينات والرقى) للدكتور خالد الجريسي. - محمد فهد العتيق - الرياض