قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} 185 آل عمران. قبل بضعة أيامٍ فَقَد الوطن واحدًا من رجالاته الأوفياء، حينما غيَّب الموت الوالد صاحب السمو الملكي الأمير هذلول بن عبد العزيز -رحمه الله وأسكنه فسيح جنَّاته-. هذلول الرجولة هذلول الإِنسان، هذلول التَّواضُع والبساطة، هذلول النقاء... تشرَّفت في مرحلة مبكرة من بداياتي العمليَّة أن أكون قريبًا من سموه حينما جمعنا ميدان العمل الرياضي التطوعي عبر نادي الهلال، أسجل هنا شهادة للتاريخ فأقول: لقد كان -يرحمه الله- يمتلك قلبًا كبيرًا يفيض بحب الخير للجميع، قلبًا حنونًا ينثر عطفه بسخاء، ونفسًا كريمة تغدق عطاءَها على الكلِّ من دون استثناء، وكان -يرحمه الله- واحدًا من جيل الرواد الذين أسسوا لحقبة تاريخيَّة مهمة من تاريخنا الرياضي، فنجحوا في إيجاد جيلٍ رياضيٍّ نموذجيٍّ ارتقى بالرياضة لتكون ميدانًا للمنافسة الشريفة، ورابطة محبة وإخاء وتكاتف، كان الجميع يلتفون حول بعضهم على اختلاف ميولهم يجمعهم عشق الوطن وحب الرياضة في أسمى معانيها، في لقاءات يوميَّة تكتنفها المودة والأُلْفة والاحترام المتبادل. والحقيقة أن الفترة التي كان سموه أحد روادها كانت مرحلة مضيئة من تاريخنا الرياضي، فقد تميَّزت بالإخاء والمودّة والنقاء وكانت بعيدة كل البعد عن التعصب المقيت والشحناء، كيف لا وأحد أبرز رواد تلك المرحلة رجلٌ بحجم الأمير هذلول صاحب الشخصيَّة المتميزة، ذو القلب الكبير، والحكمة الفذَّة، فلم يكنْ متسرعًا في أحكامه، أو متشنجًا في قراراته، أو متطرفًا في آرائه، بل كان هادئ الطباع، ميالاً للتسامح، يحترم الجميع ولا يسفه رأيًّا أو يقلل من شأن أحدٍ، محب للجميع يحرص على مساعدة المحتاج بصمت وهدوء. لن أنسى أبدًا تلك المشاعر الفياضة التي يغدقها على شخصي في كلِّ مرة التقيه، فقد كان -يرحمه الله- يأسرني بمشاعر المودَّة الصادقة فتترجمها كلماته الأبويَّة الحانيَّة التي ينطق بها قلبه قبل لسانه ويعلم الله أنني أكنّ له ذات المشاعر ولكم غالبت دمعتي وأنا أقف خلف سيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز لدى استقباله لجثمان الفقيد الغالي في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، ولم أتمالك مشاعري وأنا أشاهد جثمانه الطاهر مسجى أمامي، فأسأل الله العلي القدير أن يرحم عبده هذلول بن عبد العزيز الذي كان هادئًا ومسالمًا في حياته وهادئًا في رحيله وأسأله سبحانه أن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. وفي هذا المقام الحزين أناشد كافة إخواني المنتسبين للوسط الرياضي بأن يعيدوا للرياضة رونقها وماضيها الجميل بنبذهم للتعصب وألا يجعلوا الميول الرياضيَّة تفرِّقهم أو تخلق بينهم فجوةً تتسع فتبعدهم عن بعضهم بعضًا، وأناشدهم بأن يلتفوا حول بعضهم ليصنعوا مجدًا رياضيًّا يفخر به الأبناء. وفي هذا المقام أيضًا أسوق اقتراحًا لإخوتي في نادي الهلال -الذين عوَّدونا على الوفاء- وعلى رأسهم أخي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن مساعد بأن يُقام مجمع في محيط نادي الهلال يضم جامعًا ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ومكتبة، يحمل هذا المجمع اسم الفقيد الغالي الأمير هذلول بن عبد العزيز -يرحمه الله- وجميع موتى المسلمين. سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود - رئيس الهيئة الملكيَّة للجبيل وينبع