المجتمعات العربية مجتمعات فتية، وهي تعاني من انفجار سكاني هائل؛ فنسبة المواليد العالية تزيد من نسبة شباب المجتمع، فيبلغ متوسط عمر المجتمعات العربية 22سنة مقابل 28 لبقية المجتمعات! ومع كل سنة تتسع الهوة ويزيد الفارق حتى أن الدول الأوربية تتوقع أن يصبح السكان الأصليون لها أقليات مقابل المهاجرين من المسلمين الهنود والباكستان وبلاد المغرب العربي، وتحذر الدراسات السكانية من قلة المواليد بين الأوروبيين! لكن المجتمعات الفتية على تميزها تتطلب وفرة في الموارد المالية حتى تغطي كلفة التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية ووسائل الترفيه والتقنية؛ حيث هي أداة ووسيلة التعلم في فئة الشباب ثم إذا كبر هؤلاء الشباب فإنهم بحاجة إلى تنمية وفرص عمل ومشاركة واسعة ومجالات متنوعة للترفيه وقنوات متعددة للتعبير عن الرأي وتفريغ الطاقات بأعمال مثمرة ومفيدة. الأطفال الذين نشأوا في أحضان المربيات الأجنبيات وجلسوا الساعات الطوال أمام ألعاب البلاستيشن الفنتازية، والذين عاشوا بين مشهدين مزدوجين: بين البيت المفتوح والمدرسة المغلقة والمسجد الذي يجرم مشاهدة مسلسل سعودي، بينما تجتمع الأمهات في البيوت لمتابعة مسلسل تركي وكوري لا أحد يحذر منهما لأنهما لا ينتقدان أصحاب اللحى، لكنهما يهدمان النموذج الأخلاقي ببطء وتؤدة وطولة بال؟؟!!! حين ترقب رقص الشباب أنت ستقع بين شعورين: أولهما سيقول لك: وماذا في ذلك؟ كل شعوب الأرض تعبر عن فرحها بالرقصات والأهازيج، وهؤلاء هم الجيل الصحي الأول الذي يعبر عن نفسه كما يريد لا كما صمم له الآخرون!! والثاني يلوم ويعاقب ويدهن لهذه الشخصية التي لا ملامح لها ولا هوية هستيرية تمارس طقوسها، وكأن العالم ملكها وحدها لا تعترف ولا تأبه بردة فعل الآخر أو حجم الخطر والضرر الذي تحدثه!! شبابنا في البداية والنهاية هم مخرج بشري وصنيعة محسوسة لمؤسساتنا التعليمية والدينية والثقافية! تشوهات سلوكياتهم هي دالة حقيقية على تشوهات الفكر الذي تدار به هذه المؤسسات، هؤلاء هم شبابنا ولا نملك تغييرهم واستبدالهم، لكننا بالتأكيد نملك الحق في القول بضرورة تغيير الفكر الذي تدار به مؤسساتنا التعليمية والثقافية والدينية. [email protected] Twitter @OFatemah