تمارس القبيلة بقصد أو بدون قصد كثيرا من أدوار مؤسسات المجتمع المدني في دعم فقرائها والتعاون على دفع الديات في قضايا الدم وكذلك تعاونها في تحديد مبالغ المهور، كما تساند أبناء القبيلة في شؤون زواجهم بما يسمى (العانية). وتفزع القبيلة لمن جاءها مسترفدا من أبنائها حين تلم به مصائب الدنيا المادية. هذه الممارسات وغيرها كثير هي مشاركة شعبية في حل مشكلات المواطنين دون إلقائها كاملة على الدولة، كما أنها تشير بقوة إلى فطرة نقية تقوم على النخوة وشيم إغاثة الملهوف!!! مثل هذه الممارسات هي نواة مؤسسات مجتمع مدني تعمل وتشارك وتقوم على العدالة وتنادي بتساوي الفرص وتسعى لحياة مرفهة للمنتمين لها. لذا فإن الذين يلوحون بعدم جاهزية المجتمع للتوسع في إنشاء مؤسسات مجتمع مدني بدعوى طغيان القبائلية، هم أولئك الباحثين عن سد وعائق في وجه التنمية وهم في الأغلب الأعم المستفيدون من هيمنة المناطقية وتنفذها ويسعون لبقائها لخدمة مصالحهم المحدودة بدوائرهم الضيقة. لم يقف بدو الصحراء أمام أي تغيير وتحديث دعا إليه قادة هذا البلاد، بل تركوا ديارهم ومراعي أذوادهم واستقروا تلبية لنداء التنمية في أكبر مشروع اجتماعي هو توطين البادية! فكيف تقف القبيلة اليوم في وجه التحديث وهي التي استقر أبناؤها وتعلموا ونافسوا بنجاحاتهم في أكبر جامعات العالم، بل وتفوقت نساؤها فهذه هويدا العتيبي وهذه المطيري وتلك الغامدي والأخرى الشهري والعنزي والحربي والزهراني والرويلي. و..... قائمة تطول بالنساء المتفوقات من بنات هذا الوطن تفتخر بهن قبائلهن، ويقفن جنبا إلى جنب مع أشقائهن في تفوقهم وتقدمهم. لو قرأنا التاريخ جيدا لعلمنا من هم ولايزالون الذين يقفون في وجه التحديث وينظرون لكل تغيير بريبة؟؟!! كان الشيخ زايد رحمه الله يباهي بقبائل الإمارات ويقول عنها: إنها التي صنعت وشاركت في التغيير والتحديث. ولم تشتكِ قطر يوما من قبائلها أو تجعلها حجر عثرة أمام التحديث ويكفي أن قطر ستستضيف بعد أقل من عشر سنوات أكبر تجمع عالمي رياضي هو كأس العالم. ونحن نرعد ونزبد من أستاذ درس ممرضات المستقبل وكأنهن ممرضات سيعملن في مغارة علي بابا حين يتخرجن وليس في مستشفيات!!؟؟ القبيلة هي أول من سيستفيد من المشاركة الشعبية عبر مؤسسات المجتمع المدني التي تسعى لتنمية عادلة وشاملة وتلغي سطوة المناطقية البغيضة التي هيمنت وتفردت وأقصت كل ماعداها لعقود طويلة.!!! وطننا واسع وقلبه كبير ولديه القدرة العظيمة على احتوائنا جميعا نتساوى في حضرته بكل اختلافاتنا وتعددنا! كل يتخذ مقعده فيه وفق امتيازات الكفاءة والجدارة والعمل النافع للجميع، هكذا بشر مليكنا عبدالله منذ أن أعلن مشروعه الكبير تحديث البلاد وتوسيع المشاركة. وكل عام وأنت بخير ياوطني. [email protected] Twitter @OFatemah