إن المجتمع لم يتقبل الشعر الفصيح كما تقبل الشعر الشعبي لأسباب عديدة؛ من أبرزها بُعد الشعر الفصيح عند كثير من الشعراء عن ملامسة الهمّ الإنساني، إضافة إلى حاجز اللغة التي يحرص الشعراء على أن تكون أعلى من مستوى فهم القارئ البسيط، وقنوات الشعر الشعبي أرادت جذب الناس له فنفّرتهم منه، واتجهت إلى ملء فراغ البث الكبير بمواد إعلامية تنقصها القدرة على تثقيف المتابع من جهة، وتطوير أدوات الشاعر الشعرية من جهة أخرى، أما الشعر الفصيح فلا توجد قنوات متخصصة تُعنى به، وإن حرصت بعض القنوات الثقافية على منحه بعض المساحة التي يستحقّها. د. سليمان السناني الشعر الشعبي هو غذاء روحي لطبقة كبيرة من الشعب, يحبون أن تصاغ تلك المعاني العاطفية والمعاني الاجتماعية بلغتهم, فيفهموها على حقيقتها ويتأثرون بها نفسياً وحسياً, ولم يزل الشعر الشعبي معروفاً منذ قرون طويلة, ولم يقصد به الإضرار باللغة العربية الفصحى منذ ابتدع إلى الآن لأنه نشأ عن مقتضبات النفس الشعبية التي لا تستحلي من الشعر غيره, وقد بدأت فيه نهضة لغوية ظاهرة قوية تقربه من اللغة الفصيحة, وكلما زادت ثقافة الشعب ارتفعت لغة شعره العامي. د.مصطفى جواد إن دراسة الشعر الشعبي يجب أن لا تقتصر على تبيان أنواعه وأوزانه وتثبيت النصوص فحسب، بل تتطلب بحثا مسهبا وعلميا لا يغفل الدقائق اللفظية أو المعنوية. وأكد على أن الأدب هو التعبير بأسلوب رفيع يراعى فيه انتقاء الألفاظ والتراكيب واختيارها. وهذا ما ينبغي تطبيقه على الأدب الشعبي، فكل امرئ معرض للانفعال وهناك كثيرون يقدرون على إيجاد معان جيدة يغفل عنها آخرون ولكنهم يفشلون في التعبير عنها؛ فالتعبير المطلق عن المعاني لا يدل على أن ذلك هو الأدب، بل يشترط أن يكون التعبير جيداً ومختاراً. ونحن إذا اعتبرنا كل تعبير باللهجة العامية هو أدب شعبي أدى ذلك بنا إلى اعتبار الكلام السائر والذي يتبادله الناس في الأسواق والمقاهي وفي البيوت أدباً شعبياً. رشيد السامرائي