هل هو جبروت المرأة؟!.. أم شيء آخر لم أفهمه؟!.. فرغم أن (نورة) ارتكبت أخطاء معقدة بعد وفاة (زوجها الأول) ودخلت السجن أكثر من مرة، وارتباطها (بزوج آخر) من خلال عقد (غير نظامي) وغير مسجل رسمياً نتيجة الجهل والحاجة للمال، ثم إنجابها طفلاً جديداً بلا هوية (توفي) بعد أن أدخلته للعلاج (بشهادة ميلاد أخيه) من (زوجها الأول) وجملة من المخالفات الأخرى التي تستوجب العقوبة.. إلا أنها لا تبالي بما يقوله الناس وترفض (نظرة المجتمع) وتقول إنها لا تهتم بذلك وستصلح الأمر بعد خروجها من هنا. السجينات الأخريات يعتقدن أن (المجتمع) ونظرته هما من سيحددان مصير كل واحدة منهنّ بعد الخروج، خصوصاً وأنها نالت (الجزاء الرادع) والعقوبة المناسبة لما اقترفته، وبالتالي تنتظر من المجتمع أن يصفح عنها ويحتضنها ويتيح لها الفرصة من جديد للتغيير نحو الأفضل. هذا (مطلب مشروع) فيبدو أن المرأة لدينا تعاقب (مرتين) عندما تخطئ أكثر من الرجل، بالقانون مرة، وبسياط (المجتمع والعائلة) مرة أخرى. إن كان المثل الشهير يقول: (يا ما في السجن من مظاليم) فبرأيي أن جميع السجينات التي قابلتهنّ مظاليم!! لأنهنّ في الحقيقة ضحايا لظروف قاسية لم يجدن خلالها (البيئة الصالحة) التي تحميهنّ من ارتكاب ما يوجب العقوبة، فالمرأة (عنوان للحرية) يجب أن تبقى كذلك (زهرة في الحياة) بتأهيلها التأهيل الصحيح وتنشئتها التنشئة الصالحة، وحمايتها من الخطأ والزلل. الذي يجب حال وقوعه أن يتجاوزه (المجتمع) ويحتضن تلك المرأة ويساعدها على العودة لبيتها وأولادها حتى لا تعود (لسجنها) لأن فيه ضياعاً لها ولأسرتها وأن لا يحكم عليها المجتمع بالنهاية المؤلمة، لأن هذا الحكم سينسحب على (أسرة بأكملها), يجب أن نغير من نظرتنا وتعاملنا نحن (كأشخاص) مع الخارجات من السجن، بعيداً عن دور المؤسسات والجمعيات حتى لا نكتشف في يوم ما أن عدد (السجينات) لدينا يزداد يوماً بعد آخر، فحكاية (المرأة والسجن) أشبه بالقنبلة الموقوتة التي يجب الحذر منها والالتفات لأسبابها وعلاجها. يجب أن يعلم المجتمع أن كل (عائدة للسجن) لن تعود إليه لوحدها، بل ستتسبب بدخول أخريات من (ذات المجتمع) الذي رفضها، تماماً كما المثل الشهير لصندوق التفاح الذي يحوي حبة فاسدة. شكراً لكل ما تبذله (المديرية العامة للسجون) من دور جبار للتأهيل والإصلاح، وشكراً لكل من يعمل على رعاية السجينات ومساعدتهنّ بعد الخروج. ولكن ماذا عن دورنا نحن (كمجتمع)؟! أنا وأنت أين (بصماتنا) في تغير حياة هؤلاء النسوة وحمايتهنّ؛ حتى لا نجد (بصمات أخرى) تطبع على جدران عنابر (سجن النساء)..؟. وعلى دروب الخير نلتقي. [email protected] [email protected]