اختتمت قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية، ووجب علينا أن نهنئ ونشكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي بادر لدعوة قادة الدول الإسلامية لعقد هذه القمة الاستثنائية، لتحصين الأمة بعد أن كثرت الفتن وحاصرت المشكلات والأزمات الشعوب والدول الإسلامية، وأصبحنا نواجه أعداءنا في الخارج وأعداء الداخل الذين أخذوا يحاربون الإسلام والمسلمين برداء الإسلام، محرفين الدين وجاعلينه وسيلة لتنفيذ مآربهم السياسية، لتحقيق تطلعاتهم العنصرية ومخططاتهم التي أضعفت الأمة الإسلامية، وشتت الأقطار الإسلامية، وجعلت الشعوب تتناحر بدلاً من الوحدة والتماسك. ولهذا فقد كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي جاءت في وقتها استسباقاً لأي تآكل لجسم الأمة ووقف الوهن المستشري. والحمد لله حققت القمة الإسلامية الاستثنائية جل الأهداف التي توخاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكل الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية. ويكفي أن تؤسس القمة الإسلامية لثقافة الحوار بين أبناء وأتباع المذاهب الإسلامية التي أدى الخلاف بينهم إلى نشر الفتنة وتباعد الأمة، ويكفي إصدار القمة الإسلامية الاستثنائية توافقها وإجماعها على اعتماد وثيقة مكةالمكرمة التي ستكون -بإذن الله- مؤشراً لعودة المسلمين لتكاتفهم ووحدتهم ونبذهم للفتنة والخلافات عبر التمسك بعدد من الضوابط وانتهاج أساليب تنير الطريق لهم في مواجهة مخططات أعداء الأمة. ولعل تركيز الوثيقة على درء الفتنة أولاً وإصلاح الداخل لمصلحة شعوب الأمة الإسلامية وتطوير أنظمة ومؤسسات الأمة، ومن بينها الموافقة على اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء مركز للحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية، سيكون له الأثر الإيجابي الفعال في مأسسة ثقافة الحوار واعتماد النهج الإسلامي، فالمسلمون اعتمدوا على نشر وبث الدعوة الإسلامية على المجادلة الحسنة وتقديم الحجة، والعودة إلى المجادلة الحسنة وخاصة بين أبناء الدين الواحد الذين تجمعهم عقيدة واحدة، وإن كانت هناك اجتهادات وخلافات فرعية، فالحوار والجدال الحسن بين أبناء وأتباع المذاهب الإسلامية كفيل بتوضيح المواقف وتجاوز الخلافات والتعايش معها بدلاً من تفشي الفتن وتآمر بعض المسلمين على بعضهم وإضعاف الأمة بالتعصب والتطرف لرأي لا يحظى بإجماع الأمة. ولهذا فإن وثيقة مكةالمكرمة إنجاز عظيم، ويكون تأثيره مهماً جداً، إذا ما التزمت الدول الإسلامية بتنفيذ بنودها، ليتحقق للمسلمين إنجازات كبيرة في مرحلة أهم وأحوج إلى التماسك والوحدة والبعد عن الخلاف والتناحر، عبر الحوار الذي سعى الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى نشره وتعزيز ثقافة الحوار عبر الجدال الحسن الذي هو نهج المسلمين الأوائل، وعلينا التمسك به والعمل به لمواجهة الفتن. [email protected]