الأعمال النافعة تُبان من بداياتها، وهكذا كانت القمة الاستثنائية للتضامن الإسلامي التي اختتمت مساء أمس بعد أن بدأت قبلها بيوم حاملة بشرى أمل إلى المسلمين كافة، مؤكدة بأنه مهما كانت الخلافات الكثيرة وبعض القضايا عصية على الحل، إلا أن المسلمين يد واحدة، لابد أن يعودوا للصف الواحد والكلمة الواحدة. بداية مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي كانت مؤشراً إيجابياً على عودة المسلمين إلى الرشد وإلى التكاتف بعد أن فرقتهم الفتن. والحضور المكثف والنصاب الكامل لقادة الدول الإسلامية لحضور القمة مؤشر أولي على النجاح، ثم حميمية اللقاء وسلاسة الاجتماعات في الجلسة الافتتاحية للقمة، ومن أهمها كلمة خادم الحرمين الشريفين التي كانت صادرة من قلب قائد مؤمن صادق حملت أبعاد ومضامين تذكرنا بقادة السلف الذين أسسوا وأرسوا القيم الإسلامية التي ما أحوجنا العودة إليها. (أستحلفكم بالله).. قالها ثلاث مرات خادم الحرمين الشريفين، موجهاً كلامه لقادة الدول الإسلامية، مطالباً إياهم بالتضامن والتسامح ومحاربة الفتن. دعوة صادرة من القلب من جوار البيت الحرام ومن داخل حرم مكةالمكرمة وفي ليلة مباركة، لم يطلب الملك شيئاً لوطنه ولا لشعبه ولا لنفسه، بل طلب العزة للأمة الإسلامية دولاً وشعوباً بالعودة والتمسك بالتضامن الإسلامي الذي من دونه لن يكون للدول الإسلامية من قوة ولا أحد يهتم بها، وأن يتسامح قادة الدول الإسلامية فيما بينهم قبل شعوبهم، بل أن يتسامحوا مع شعوبهم، وأن يتقوا الله في رعايتهم وحكمهم، وأن يتجه قادة الأمة إلى محاربة الفتن التي انتشرت في أرجاء العالم الإسلامي فأضعفت دوله وأدخلت شعوبه في نزاعات طائفية وعرقية وعنصرية بعيدة عن قيم الإسلام ومبادئه وأخلاقه، ولذلك جاْت أهمية إطلاق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مباردة بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية يكون مقره الرياض بمثابة توفير العلاج بعد أن شخص العلة، فإن كانت الفتنة قد تفشت فلا علاج لها إلا بإشاعة الحوار وجعله ثقافة بين المسلمين، وقد وجه الله عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم بأن ينتهج الحوار والمجادلة الحسنة لتبليغ الإسلام: وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ . قاعدة إسلامية ونهج سار عليه بشير هذه الأمة ومن بعده خلفاؤه الراشدون والسلف الصالح. هذه القاعدة والعودة إلى تمسك المسلمين جميعاً بها عمل إسلامي يعيده الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمسلمين ويجعل من الرياض مركزاً لحوار يهدف إلى تقريب الأفكار والاجتهادات وغسل القلوب من أردان الفتن. [email protected]