لقد أصبح نظام الأسد بمثابة الكوخ المتهدم الذي تهاجمه أسراب النمل الأبيض من كل مكان، فالخشب نخره السوس وملأه بالفجوات، ولكنه على الرغم من ذلك لا يزال واقفاً على قدميه، ولكن متى ينهار ويتفكك؟ لا أحد يجرؤ أن يخمن، حتى الأمريكيين تحدثوا بحذر عن عملية طويلة ومتدرجة، بمن فيهم وزيرة الخارجية التي زارت إسرائيل في الفترة الماضية. المجال الاستخباراتي لم يعد يتعامل مع سؤال إذا كان الأسد سيرحل أم لا، ولكن بات يحاول الإجابة عن سؤال: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لسقوطه، وتشير التقديرات إلى أن الحرب في سورية لن تنته حتى مع رحيل الأسد، فالعلويون لن يستسلموا، وسوف يستمرون في القتال دفاعاً عن حياتهم. وفي الوقت ذاته، ومع مرور الوقت، يصبح الصراع بين علويي الأسد وبين الطائفة السنية في المنطقة أكثر وضوحاً، فأكبر الانشقاقات في صفوف الجيش معظمها من الجنود والضباط السنة، وهذا يظهر لنا أنه حتى برحيل الأسد، فإن الطائفتين سوف يستمران في سفك دماء بعضهما البعض. وهناك شاهد على ذلك الآن يمكن رؤيته إذا ما بسطنا على الخريطة مسرح العمليات، فليس من المصادفة أن حمص وضواحيها أصبحت نقطة تركيز القتال الضاري هناك؛ فالعلويون والسنة يعيشان جنباً إلى جنب في تلك المنطقة، فحمص تعد بوابة المنطقة العلوية في سورية، تلك المنطقة الساحلية التي يقاتل فيها العلويون الآن بلا هوادة من أجل حماية أراضيهم ومنازلهم. وقد وصل العلويون إلى درجة تشكيل ميليشيات مستقلة تعمل في المناطق العلوية من أجل قمع أي نية للثورة في أراضيهم، فهم لا يثقون في أن الجيش سيقف إلى صفهم إلى الأبد، فبالنسبة لهم إنها معركة وجود. ربما يجد الأسد عزاءً في حقيقة أن الأقليات الأخرى، مثل الدروز والأكراد والمسيحيين، لم ينضموا بعد لصفوف المقاومة، فالدروز الذين فقدوا حتى الآن 150 جندياً في القتال ضد الثوار، يخشون من السنة ، وعلى الرغم من أن شباب الدروز المتعلم يؤيد الانتفاضة ضد النظام، ولكن السواد الأعظم منهم يخشون الثوار. تآكل أعمدة النظام بدأت تتحول بالفعل من الأطراف إلى المدن الكبرى مثل حلب ودمشق، وعلى الرغم من أننا أحيانا نرى اندلاعا للقتال في الأحياء الأكثر مركزية في تلك المدن، إلا أن معظم المعارك لا تزال محصورة في المناطق الفقيرة والضواحي النائية. وفي دمشق رأينا ظاهرة جديدة وهي اندلاع القتال في أحياء الطبقات المتوسطة التي تعد أكثر قرباً من المركز، وفي الأيام القليلة الماضية، كان هناك قتال ضار في الحي النائي والأكثر فقراً حي التضامن، الذي ينحدر معظم سكانه من اللاجئين القادمين من مرتفعات الجولان، الذين عاملهم النظام لعدة سنوات على أنهم مواطنون من الطبقة الثانية، والآن يثورون ضده. الروس الآن يستعدون لإخلاء مواطنيهم من سورية في غضون الأسابيع القادمة، فهم ربما يعلمون شيئاً لا يعلمه الأسد بعد، الذي لا يزال يتمتع بقوة عسكرية كافية وميليشيات مقاتلة ربما تضمن له الاستمرار في سفك الدماء لبعض الوقت، ولكن ذلك موقف مؤقت، فتوقعات ما بعد الأسد تشير إلى احتمالية اندلاع فوضى وحرب أهلية بين مختلف الطوائف، وقد بدأ العلويون بالفعل الحديث عن خيار الانسحاب إلى مناطقهم ليحكمونها حكماً ذاتياً. (يديعوت أحرونوت) العبرية