يغيب هادم اللذات كل يوم أخا أو صديقا عزيزا، حيث يرحل بهم من دار الممر إلى دار المقر، ويترك أهله ومحبيه في حزن شديد. هكذا هي الدنيا.. أحوالها دوما بين الفرح والحزن، لكننا أمام أقدار الله لا نقول إلا ما يرضي ربنا جل في علاه (إنا لله وإنا إليه راجعون). في مساء يوم الجمعة الثاني من شهر شعبان عام 1433ه ودعنا في يوم فضيل أخ عزيز وشيخ فاضل ورجل كريم، وواحد من أعيان مدينة مكةالمكرمة، إنه الشيخ عامر بن عبدالله آل منيف النهدي صاحب الأيادي البيضاء ورجل المكرمات الكثيرة، وصاحب المبرات والخيرات، ينفق سراً وعلانية في كل وقت وحين، شهد له الجميع بالتقوى والصلاح والدين وحب الخير ومساعدة الآخرين، ناشط في مجال العمل الخيري، له علاقات مع الأمراء والوزراء والمشايخ والعلماء، داره عامرة ولها من اسمه نصيب، لا تخلو من الضيوف ليل نهار، إذا جلست إلى جانبه على مائدة طعامه نسي نفسه وانهمك في خدمة ضيوفه بابتسامة رقيقة ومعلومات مفيدة عما يقدمه لهم من ألذ أصناف الطعام. عرفته - رحمه الله - وأنا برتبة ملازم أول خلال عملي بشعبة الأمن والسلامة بإدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة، وذلك حينما كانت محطات الوقود التابعة له خاضعة للإشراف الوقائي من قبل الشعبة، انتقلت إلى الرياض فإذا بابن أخيه الأخ صالح محمد النهدي يبلغني بأن الشيخ عامر بقصره بحي البديعة، وأود لو تشرفنا في مجلسه فوافقت، فلما زرته قابلني وأخذني بالأحضان وذكرني بأمور مرت علينا حينما كنا في مكة فضحكنا كثيراً، كان يحب الرياضة ويحافظ على صحته بشكل كبير. أديت صلاة الجمعة بتاريخ 25 رجب 1433ه، أي قبل وفاته بأسبوع في مسجده بحي العزيزية، وبعدما أنهيت الصلاة شاهدت رجلاً يتهادى بين اثنين، وهو في طريقه إلى سيارته، وأنا خلفه ولم أتوقع أنه الشيخ عامر -رحمه الله- لأنني كنت أظنه في الطائف كعادته السنوية، فسألت المؤذن من ذلك الشيخ الوقور فقال الشيخ عامر ذاهب إلى بيته، فسألته إن كان بإمكاني مقابلته في مجلسه، فأفاد بأنه لم يعد يقابل أحداً إلا بعض المشايخ وأئمة الحرم وفي أوقات محددة. كم حزنت على تلك الفرصة التي لم أتمكن فيها من مقابلته والحزن أكثر حينما تفاجأت بخبر وفاته من التلفاز وخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- يستقبل أبناءه ويعزيهم في والدهم رحمه الله. رحم الله الشيخ عامر النهدي رحمة واسعة وأجزل له الأجر والمثوبة فيما قدّم من أعمال خير وبر وإحسان، وجعل أبناءه يسيرون على نهجه وطريقته، وعزاؤنا لأسرته ومحبيه وكل من فقد عطفه وبره وإحسانه، وإنا لله وإنا إليه راجعون. لواء متقاعد دكتور مساعد بن منشط اللحياني