جاء اختيار خادم الحرمين الشريفين المتوقع والموفق للأمير سلمان ليكون ولي عهده، وظهيره في البناء الوطني ليشكّل مكرمة ملكية جديدة ضمن المكرمات المتتالية التي قدمها ولا زال يقدمها - حفظه الله - لشعبه ووطنه، واستمرارًا لنهج راسخ سار عليه قادة هذه البلاد المباركة منذ تأسيسها، في اختيار الأكفأ لرعاية مصالح الشعب، والأقدر على المشاركة في قيادة مسيرة دولتنا الرشيدة مما يصدق عليه قول الشاعر: إذا سيدٌ منا قَضَى، قام سيدٌ قَؤُولٌ لما قال الكرامُ فَعُولُ وقد جسّد ما شهدناه من تعبير متنوع ومتعدد الأساليب عن الفرحة بتعيين الأمير سلمان - حفظه الله - من قبل كافة أفراد الشعب بمختلف مستوياتهم وانتماءاتهم ومناطقهم صورة رائعة من صور التلاحم بين الشعب وقيادته التي تعي دورها تجاه شعبها، وتبذل الغالي والنفيس في سبيل رفعة الوطن. فشخص الأمير سلمان بما يمثله من معاني الوفاء والحكمة والحرص على رفاهية المواطن وتعزيز الانتماء الوطني يجسد الأمل بالحاضر المشرق والغد الواعد.. كما أن مما لا شك فيه أن خبرة الأمير سلمان وقدراته القيادية الفذة التي ورثها من الملك المؤسس - طيّب الله ثراه -، وصقلتها تجاربه الغنية على مرّ السنين في ظل قيادة إخوانه من أبناء المؤسس الميامين، أهّلته لأن يكون الأجدر بثقة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ليمثل يده اليمنى وساعده القوي الذي بمشورته وعونه يتواصل عطاء هذا العهد الزاهر. وهذه الحقيقة يعيها الجميع وتؤكدها إنجازات سموه في كل المسؤوليات الوطنية التي تولاها، وتبرز في أبهى صورها في قيادة سموه لمسيرة التنمية بمنطقة الرياض، وما تحقق في ظل توليه شؤونها من قفزات وتقدم على كافة الأصعدة مما لا يُوجد له مثيل في التاريخ المعاصر - حسب علمي.. فهي نموذج ماثل للعيان يكفي عن كل شاهد، ويجعلنا نستبشر خيرًا بما ينتظر بلادنا الغالية حينما يتولى سموه مسؤولية وطنية كبرى بحجم ولاية العهد تجعل نظره يتجاوز المنطقة إلى الدولة، وتُصيِّر اهتمامه منصبًا على كافة أرجاء الوطن، لا على منطقة بعينها. فآثار سموه في منطقة الرياض ونتائج نهجه الإداري فيها، والمكانة التي اكتسبها في قلوب أهالي المنطقة تجعل اسمه - حفظه الله - بالنسبة للمواطن يرمز للرخاء ويحيل إلى التنمية المستدامة، كما تجعل الجميع موقناً بأن بصمات سموه الإدارية ورؤاه التنموية ستظهر جلية على حاضر المملكة ومستقبلها.. وسنرى آثار سياساته التي طبقها في منطقة الرياض فحولتها من مجرد قرية صغيرة إلى عاصمة تنافس كبريات العواصم العالمية وتتفوق على الكثير منها مطبقة على المستوى الوطني. فالأمير سلمان صاحب مدرسة فريدة من نوعها في الإدارة وتخطيط التنمية، صارت نموذجًا يُحتذى ومصدر إلهام لكل المتخصصين والمهتمين بالإدارة؛ يدل على ذلك تبني المنظمة العربية للتنمية الإدارية - إحدى منظمات الجامعة العربية - لجائزة باسم الأمير سلمان وهي جائز الأمير سلمان بن عبد العزيز للإدارة المحلية العربية التي تهدف إلى تخليد نهجه الإداري وأسلوبه القيادي لتفيد منه القيادات الإدارية المحلية العربية الشابة، وذلك بالتعاون مع مركز الأمير سلمان للإدارة المحلية بجامعة الأمير سلطان الذي أبدع فكرته وتولى تأسيسه أحد رجال الأمير سلمان المخلصين ممن عرفوه عن قرب وعملوا معه لسنوات طويلة، وتمثلوا نهجه الإداري بحق، صاحب السمو الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف رئيس مجلس أمناء الجامعة. وقد كانت جامعة الأمير سلطان نفسها التي تضم المركز إحدى ثمرات هذا النهج الذي يُعد من أبرز ملامحه تحويل المناسبات الوطنية إلى شواهد حضارية ثابتة ومشاريع تنموية يدوم نفعها للأجيال المتعاقبة.. فهي نموذج لهذا النهج يتمثل فيه بُعد من أبعاده الإستراتيجية.. وتلك قصة تستحق أن تُروى دائمًا.. فلإيمانه - حفظه الله - بأن التعليم هو روح التنمية والمحرك الدافع لكل تطور قرر سموه تحويل رغبة أهالي الرياض الغامرة في الوفاء لفقيد الوطن سلطان بن عبد العزيز - يرحمه الله - والاحتفاء بعودته من رحلته العلاجية الأولى عام 1418ه إلى مشروع تنموي يجمع بين التكريم لسموه بتخليد اسمه ويعود بالنفع الدائم على كل أهالي المنطقة وأبناء الوطن عمومًا. فكان أن تم تأسيس مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم التي تشرُف برئاسة سموه لمجلس إدارتها، وكانت جامعة الأمير سلطان أول مشاريع الجمعية التي أُنشئت لهدف وحيد هو دعم التنمية الوطنية من خلال إعداد مخرجات متميزة تتماشى مع الحاجات المتجددة والمتغيرة لسوق العمل، وتسهم في الحد من البطالة بين الشباب من خلال توفير الأمن الوظيفي لهم بتبني مشاريع مبتكرة لخدمة المجتمع مثل برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف الذي حقق نجاحات مميزة.. بالإضافة إلى كون الجامعة رمزًا لاستمرار تكريم أهالي مدينة الرياض وتعبيرهم عن الحب والوفاء للأمير الراحل خير تجسيد لرؤى الأمير سلمان التنموية. وقد استطاعت الجامعة - بفضل الله - في ظل رعاية سموه لها، ومتابعته لمسيرتها، وسعيه الدائم إلى تذليل كافة العقبات التي تعترضها - أن تثبت حضورها في فترة وجيزة على الساحة كمؤسسة رائدة في مجال التعليم الجامعي الأهلي المتطور حيث أثبتت نجاح تجربة التعليم العالي الأهلي بالمملكة، وأصبحت بشهادة الجميع تضاهي أعرق الجامعات، سواء في أنظمتها الأكاديمية والإدارية، أو في مستوى خريجيها الذين استقبلتهم سوق العمل بكل حفاوة وتقدير، فكانت خير تجسيد لرؤى سلمان التنموية، ونموذجًا تسري فيه روح نهجه الإداري الذي يصعب أن يتكرر. فنبارك لأنفسنا وللوطن هذا القرار الكريم الذي يعكس ما تتمتع به قيادتنا من حكمة، وما تتحلى به من بُعد نظر والله ولي التوفيق. د.أحمد بن صالح اليماني - مدير جامعة الأمير سلطان