على الرغم من فداحة المصاب بفقد ولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز يرحمه الله، إلا أن أمور خلافته بولاية العهد جرت -كما هو معتاد- بكل سلالة، وذلك باختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للدفاع. وقد كان هذا خيارًا متوقعًا على المستويين الرسمي والشعبي، نظرًا للخبرة الإدارية الكبيرة لسموه لأكثر من خمسة عقود، التي أمضاها رجل دولة، وركنًا أساسيًا من أركان البلاد، وعضدًا مخلصًا لإخوته الملوك، وقد كان خلال هذه الفترة قريبًا من الناس على اختلاف توجهاتهم، فقد كان مجلسه الأسبوعي عبارة عن ندوة مفتوحة يحضرها العلماء والأكاديميون ورجال الإعلام وضيوف المملكة والمواطنون العاديون، حتَّى أضحى هذا المجلس من معالم مدينة الرياض التي ارتبط اسم سموه بها وارتبطت به على مدى زمن طويل. لقد تعرَّفت على شخصية سموه من خلال زياراته المتكررة لجامعة الملك سعود بحكم عملي هناك، ومن المسلم به أن منسوبي هذه الجامعة يعدّون سموه هو الرئيس الفخري لهذه الجامعة العريقة، أو الجامعة الأم كما يحلوا لهم أن يسموها، فهو -وعلى مدى عقود- كان قريبًا من قياداتها وأساتذتها، وداعمًا رئيسًا لكل مشاريعها التطويرية، ويحرص على حضور مناسباتها العلمية والثقافية، ويسعى دومًا لتذليل الصعوبات التي تعترض مسيرتها، وعندما قفزت الجامعة قفزاتها التطويرية الأخيرة من خلال إدارتها الجديدة كان -ولا يزال- هو الداعم الرئيس لها، ولمسيرتها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. أيضًا، فإن سموه حريص على التواصل مع الناس سواء من خلال لقاءاته بهم في مكتبه الرسمي، أو مشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، فتجده يحضر هذه المناسبة، ويزور ذلك المريض، وأذكر أنه في إحدى المرات زار أحد المواطنين مرتين في منزله ليعزيه في مصابه، كما أن لسموه علاقة من نوع خاص مع الكتَّاب والمثقفين، فلكل كاتب حكايته الخاصَّة مع سموه، فمرة يتصل ليشكر الكاتب، ومرة ليصحح معلومة كتبت بشكل خاطئ، كما أنه يحرص على الاطلاع على آخر الإصدارات، ويتواصل غالبًا مع مؤلفيها، ولم تشغله الوظيفة الرسمية يومًا عن هذه المتابعات التي ألفناها من سموه الكريم. نسأل الله العلي القدير أن يكون في عون سمو الأمير سلمان، فهو يتولى الآن ذات المهام التي كان يشغلها سمو الأمير سلطان -رحمه الله-، وهي مهام جسيمة، ولكنها ليست عسيرة على من أمضى حياته في خدمة هذه البلاد، ونهل من مدرسة والده المؤسس -رحمه الله-، وكان ركنًا أساسيًا، وعضدًا رئيسًا لإخوته الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله-، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -أمد الله في عمره-. [email protected] تويتر @alfarraj2