سجل العقد الماضي اهتماماً دولياً بشؤون البيئة وحمايتها وخاصة في السنوات الأخيرة، حيث جاءت قضايا إدارة الموارد البيئية، وحمايتها وتنميتها من الأولويات في سياسات كثير من الدول ومجالات تعاونها. وفي الوقت الحاضر تشهد المملكة العربية السعودية وعياً ثقافياً وسياسياً وبيئياً، يعطي الموارد الطبيعية والبيئية اهتماماً بالغاً في الحماية والحفاظ عليها، بحيث أصبح هذا الاتجاه له تأثير مباشرعلى التفكير ونمط الحياة بين مواطنيها. وهو توجه يتفق والتراث الحضاري وتسعى إليه خطط التنمية الوطنية في المملكة، فهي رائدة إدراج مبادئ الوعي بالبيئة. لقد حرصت المملكة في جميع خططها التنموية أن تؤكد على اهتمامها بالبيئة والتنمية من خلال إسهام مصلحة الأرصاد وحماية البيئة في النشاط الاقتصادي للمملكة، بتوفير المعلومات وتقديم المشورة فيما يتعلق بحماية البيئة، كما في خطة التنمية الثانية 1395/ 1400ه ومن خلال توفير وتطويرخدمات بيئية متكاملة كما في خطة التنمية الثالثة 1400/ 1405ه، ومن خلال دعم مساهمات الأفراد والمؤسسات في المحافظة على البيئة كما في خطة التنمية الرابعة 1405/ 1410ه. وقد تضمن الأساس الإستراتيجي السابع لخطة التنمية السادسة 1415/ 1420ه الحث على الاستمرار في برامج المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها ومازالت الخطط التنموية السعودية الخمسية على هذا النهج في حماية البيئة والتنمية المستديمة. وقد تزامنت التطورات الدولية في مجال المحافظة على البيئة خلال العقدين الماضيين مع اعتماد منهج التخطيط التنموي في المملكة، وواكب المملكة هذه التطورات. ولعل أهم ما تحقق في هذا المجال ما يلي: أولاً: إدخال الاعتبارات البيئية في اختيار مواقع أهم المشروعات الصناعية في المملكة، وفي تصميم هذه المشروعات وتشغيلها، فالمجتمعات الصناعية في الجبيل وينبع تُعدُّ مثلاً لتكامل الاعتبارات البيئية التنموية. ثانياً: إنشاء الهياكل التنظيمية والتنفيذية لأجهزة حماية البيئة والمحافظة عليها، مثل: مصلحة الارصاد وحماية البيئة عام 1386ه والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها عام 1406ه والهياكل التخطيطية والتنسيقية، مثل اللجنة الوزارية للبيئة، ولجنة تنسيق حماية البيئة. ثالثاً: إصدار مقاييس وطنية لحماية البيئة، والتزام معظم المشروعات التنموية بها. رابعاً: إصدار المواصفات القياسية لتحديد انبعاث الملوثات من السيارات وتطبيقها على جميع السيارات المستوردة إلى المملكة. خامساً: إنشاء المحميات الطبيعية للأحياء الفطرية، والمتنزهات الوطنية، ومسيّجات المراعي للمحافظة على التنوع الإحيائي والبيئي. سادساً: تنامي دور المملكة إلى الصعيد الإقليمي في مجال البيئة ومنظمات البيئة البحرية لكل من البحر الأحمر والخليج العربي، وفي مجالس الوزراء المسؤولين عن شؤون البيئة في كل من مجلس التعاون والجامعة العربية. لقد صاحب التوسع الاقتصادي في المملكة، وتحقيق معدلات في التنمية العمرانية، حدوث بعض الإضرار بالموارد الطبيعية والبيئة لم يسبق لها مثيل، مثل: التلوث، والأخطار الصحية الناجمة عن المعالجة غير الملائمة لنفايات النشاطات الصناعية والزراعية والحضرية، وتلوث الهواء في المدن الكبرى والمناطق الصناعية والتصحر، والأخطار التي تواجه الحياة الفطرية علاوة على نقص احتياطي المياه الجوفية وتدني مستويات جودتها. ونتيجة لهذه الأضرار وسلبياتها على التنمية الاقتصادية فقد أنشأت الدولة مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض. فعلى سبيل المثال، تقوم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في إطار سعيها لتنمية متكاملة متوازنة حضرياً واقتصادياً، وبيئياً، على برامج متكامل لإدارة البيئة وحمايتها في مدينة الرياض، وتولي الهيئة العليا الاعتبارات البيئية اهتماماً كبيراً في تخطيط وتصميم المشروعات التي تقوم بها، مثل: تطوير وادي حنيفة، وخفض منسوب المياه الأرضية ومشروع حماية الحياة الفطرية، واستكمال شبكات الصرف، وترشيد استهلاك مياه الري، ودراسة أسباب تلوث الهواء وتلوث المياه في مدينة الرياض ودراسة أساليب التخلص من النفايات الصلبة. ولازالت الحاجة ملحة لوضع الحلول التي تساعد في الحد من العقبات والمعوقات المتعلقة بحماية البيئة، والحفاظ عليها من التدهور والاستنزاف والتلوث.