كعالم التجارة تماماً، أصبحت العلاقات الدولية مجالاً خصباً لإتمام الصفقات بعيداً عن المبادئ، وتتجاوز في كثير من الترتيبات الأخلاق والقيم، ومثل كل صفقات التجارة يقف «عراب» كبير خلف الصفقات السياسية، والآن يجري طبخ صفقة سياسية دولية إقليمية كبيرة لترتيب الأوضاع في المنطقة العربية لصالح الكيان الإسرائيلي. فحسم الوضع في سوريا والاتفاق على إنهاء نظام بشار الأسد مرتبط بمصير المنشآت النووية الإيرانية والاتفاق على أوضاع العراق ومنطقة الخليج العربي ولبنان واليمن، بل تشمل الصفقة مراجعة وضع الدرع الصاروخي الغربي على أطراف روسيا مخترقاً الفضاء الأمني الروسي بعد أن وصلت الصواريخ الأمريكية إلى أراضي الاتحاد السوفياتي المنحل، أكثر من ذلك تشمل الصفقة الانتهاء من ترتيب الأوضاع في أفغانستان وباكستان. ببساطة هناك سيناريوهات لمقايضة معالجة الوضع في سوريا وإبقاء نظام نوري المالكي في العراق وحسم النفوذ في لبنان لصالح إيران مقابل أن تتخلى إيران عن برنامجها النووي والتعهد بعدم المضي قدماً في تصنيع الأسلحة النووية وعدم تطوير قدرة الصواريخ البلاستيكية. وترتكز الصفقة على مقايضة إعطاء دور إقليمي لملالي إيران مقابل إرضاء إسرائيل بإنهاء البرنامج النووي وتأمين أمن إسرائيل، وهذه الصفقة ذات الرائحة الكريهة تشارك في طبخها دول أوروبية وروسيا والصين، فمن خلال ما يسمى بمجموعة 5+1 وهي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين إضافة إلى ألمانيا تعرض إعطاء دور «قيادي» لإيران فيما يسمى بالشرق الأوسط والمقصود هنا المنطقة العربية على حساب المصالح العربية العليا، لأن الصفقة تمنح إيران دوراً قيادياً في المنطقة العربية وتعزز نفوذها في العراق وسوريا ولبنان وطبعاً في الخليج العربي مقابل الاستجابة لكل ما تريده إسرائيل التي لا تريد لإيران أن تصبح قوة نووية تزاحمها على فرض إرادتها على المنطقة، ولأن الخاسر هنا العرب، وبعدهم تركيا والرابح إسرائيل وإيران فإن الغرب لا يمانع بل يشارك في طبخ مثل هذه الصفقات المقيتة.