بنيت شريعة الإسلام الغراء على العدل والإنصاف فقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (90) سورة النحل، وقال سبحانه: {وإذا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} (58) سورة النساء، بأمر من الله جلّ جلاله فحرَّمت الشريعة السمحة الظلم بين الناس. فقد جاء في الحديث القدسي قول الحق سبحانه: (يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا)، وأقامت الشريعة الإسلامية الحاكم ليكون خليفة الله في أرضه ليحكم بين الناس بالعدل والإنصاف ودين الإسلام الحنيف، وهو دين الرحمة والشفقة يدعو إلى العفو والصفح وحثّ على ذلك. فمن هذا المنطلق الكريم وهذه القواعد السامية جاء تعامل حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -وفقه الله- مع أبناء وأرامل الهالك ابن لادن من منطلق الشريعة الإسلامية المطهرة التي لا تُحمل أي إنسان بريء إثم الآخر مهما كانت علاقته وقرابته بالإثم، فكل نفس بما كسبت رهينة، فلا تأخذ أحدًا بجريمة الآخر وهذا هو ديدن الحكومة السعودية، خلد الله ملكها منذ تأسيسها على يد الملك والإمام العادل عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه-، حيث كان تعامله الحسن والرحيم مع أقارب أعدائه فلم ينتقم منهم أو يحملهم وزر من حمل السيف وعاداه، بل إنه أكرم مثوى الخيرين منهم وقربهم إليه واحتضنهم واعطاهم الأمن والأمان والأعظم من هذا فإنه -رحمه الله- عفا وأصفح عمّن أساء إليه وحاربه بعد أن نصره الله عليهم مقتديًا برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في تعامله مع قومه الذين حاربوه وأذوه وشردوه، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، والشواهد على ذلك كثيرة مع الملك عبد العزيز خاصة وملوك المملكة من بعده -رحمهم الله جميعًا- بصفة عامة، فجاء تعامل المملكة العربية السعودية مع أمر أبناء وزوجات أسامة بن لادن والسماح لهم بالعودة إلى المملكة بناءً على طلب عائلة ابن لادن في المملكة صاحبة الولاية الشرعية على أبناء وأرامل ابنهم (أسامة)، حيث تعاملت الحكومة السعودية -أعزها الله- من منطلقات إنسانية وأسس نظامية وشرعية خصوصًا أنه لا توجد هنالك أي معلومات أو دلائل حول تورطهم أو مشاركتهم في أي أعمال إجرامية أو غير قانونية. كما تأتي هذه المكرمة من حكومة خادم الحرمين الشريفين إلى أسرة ابن لادن تقديرًا لالدهم المعلم محمد -رحمه الله- الذي كان خادمًا مخلصًا ووفيًا لحكومته إبان حياته واستمر ذلك في أبنائه الأوفياء المهندس بكر واخوانه الآخرين المخلصين الذين أثبتوا صدق ولائهم وحبهم وانتمائهم لحكومتهم وبلدهم والذين سبق لهم إعلان البراءة من ابنهم الخارج المارق (أسامة)، وقد أسقطت الحكومة منه الجنسية السعودية في حينها عليه من الله ما يستحق، حيث كان سببًا في تداعي كراهية الآخرين للإسلام والمسلمين ومحاربة كل ما هو إسلامي بسبب أعماله وأعوانه الإجرامية، فحسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله أن الإسلام سيبقى عزيزًا شامخًا ولو كره المشركون، أعود وأقول: إن سماحة الإسلام وعدالته هي نهج الحكومة السعودية -حرسها الله- ودستورها القرآن الكريم وسنّة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم وهما اللذان تسير عليهما وتحكم بهما ومن ذلك التعامل مع الآخرين بالعدل والإنصاف وعدم الظلم، وأنها لا تحمل الأبرياء أخطاء الآخرين، فجاء السماح لأبناء وأرامل الهالك وفق التوجيه الشرعي الحكيم، ثم بعدالة خادم الحرمين الشريفين الذي يؤمن بأنه {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى}، وأن كل فرد يتحمل إثمه ووزره. حفظ الله لهذه البلاد الطاهرة أمنها وقيادتها وأهلها الأوفياء من كل شر ومكروه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.