كما كان متوقعاً استمرت أسعار البترول بالارتفاع في الأسواق العالمية خلال الربع الأول من عام 2012م متأثرةً بشكل مباشر لما يحدث في الساحة الدولية خاصة في منطقة الشرق الأوسط و االخليج العربي, حيث أرتفع سعر برميل برنت بحر الشمال بنسبة 15% خلال هذه الفترة من 110 دولار في بداية عام 2012م إلى 124.5 دولار للبرميل في بداية شهر أبريل الحالي مروراً بسعر 126 دولار للبرميل في منتصف الشهر الماضي. هذه الارتفاعات المتوقعة في أسعار البترول سببها الرئيسي العوامل الجيوسياسية في المنطقة العربية وما يدور في الساحة الدولية من جدل سياسي كبير باتجاه فرض عقوبات اقتصادية قد تصل إلى فرض حظر إقتصادي على إيران و منعها من تصدير البترول و ذلك لإرغامها على عدم الإستمرار في برنامجها النووي المثير للجدل. يتوقع المراقبون في الأسواق العالمية استمرار هذه الموجة العالية في الأسعار -نوعاً ما- على المدى القريب و ذلك لتوقعاتهم استمرار هذه العوامل الجيوسياسية خلال نفس لفترة مع وجود تذبذب محدود نوعا ما قد لا يتعدى 5% ارتفاعا أو انخفاضا. و السؤال الذي لا بستطيع المراقبون الإجابة عليه يتمثل في معرفة سعر برميل البترول في الأسواق العالمية عندما يتخذ دول الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية قراراً بفرض حظر تصدير البترول على إيران, وسعر البترول في الأسواق العالمية عندما يطبق هذا الحظر بالقوة العسكرية من قبل هذه الدول, وسعر برميل البترول في الأسواق العالمية عندما تحدث مواجة سياسية وعسكرية بين إيران ودول الغرب لكسر هذا الحظر بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران أو إبقاؤه مفتوحا بالقوة العسكرية من قبل دول الغرب, وأخيراً سعر البترول في الأسواق العالمية عندما يتخذ الغرب قراراً عسكرياً بضرب المنشئات النووية الإيرانية؟ على دول العالم -خاصة دول الخليج العربي ودول منظمة أوبك- دراسة هذه السيناريوهات و وضع خطط طوارئ لكل سينايو بما في ذلك تأثير كل سيناريو على اقتصادياتها والاقتصاد العالمي المتهاتر، وتأثير كل سيناريو على قدرة الدول النفطية بقيادة منظمة أوبك على تلبيت الطلب العالمي على الطاقة وتأمين الإمدادت البترولية خلال هذه الأمواج العاتية، والأهم من ذلك دراسة تأثير هذه السيناريوهات على هذه المنطقة بما فيها التأثيرات الأمنية والصحية والبيئية. فالقضية ليست فقط تعويض الأربعة مليون برميل التي تمثل إنتاج إيران اليومي من النفط, بل أكبر من ذلك. الحقيقة أنه بالرغم من ازدياد نسبة التشاؤم خلال سنة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية إلا أننا نجد الكثير من العقلاء في المجتمع الدولي يحاولون منع حدوث هذه المواجهة العسكرية بين الغرب وإيران التي قد يكون لها تبعات سيئة جداً لا يعلمها إلا الله ولا يمكن التنبؤ بها على الاقتصاد العالمي والبيئة ومنطقة الشرق الأوسط عامة ومنطقة الخليج العربي خاصةً. يبقى السؤال المهم الذي يجب أن يوجه للعقلاء في إيران - وهم كُثر- لماذ تقوم إيران بتطوير سلاح نووي؟ ومن هو المستفيد من هذه المغامرة الإيرانية؟ وأخيراً هل سيصل سعر البترول في الأسواق العالمية إلى 200 دولار للبرميل؟ متى و مع أي سيناريو قد يحدث هذا؟