كما كان متوقعاً استمرت أسعار البترولفي الأسواق العالمية خلال الثلث الأول من شهر يناير لهذا العام الجديد في المحافظة على ارتفاعاتها حيث قارب سعر سلة أوبك ملامسة 113 دولار للبرميل و ذلك متأثراً بشكل رئيسي بالأحداث السياسية المتعلقة باحتمال حدوث مواجهة عسكرية في منطقة الخليج العربي بين إيران و الغرب خاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تبدو حاليا منشغلة بالحملات الانتخابية لمرشح الحزب الجمهوري لمنصب الرئاسة. المعروف أن الحزب الجمهوري يسيطر عليه بأغلبية ساحقة المحافظون الجدد المعروفون بدعمهم اللا محدود للكيان الصهيوني. المتابع لهذه الأحداث و للكثير من التصاريح و الخطابات خلال الحملات الانتخابية للحزب الجمهوري يجد أن أغلبية المرشحين الجمهوريين رافضين لمبدأ السماح لإيران بتطوير و إنتاج السلاح النووي لما فيه من خطورة بالغة على أمن الكيان الصهيوني و أن معضمهم يتوعد بإجراءات عسكرية قاسية ضد إيران إذا ما تم انتخابه كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية في نهاية هذه السنة. كما نجد الرئيس أوباما و بعض قياداة الحزب الديمقراطي أيضاً يتوعدون إيران بالكثير من العقوبات الاقتصادية و العزلة السياسية و الدولية بما فيها احتمال المواجهة العسكرية. توقعاتي التي آمل أن تكون خاطئة فوز الحزب الجمهوري باتنخابات الرئاسة الأمريكية و ارتفاع أبواق المواجهة العسكرية بين إيران و الغرب ربما في النصف الثاني من عام 2013م. هكذا نقرأ تاريخ الحزب الجمهوري و المحافظين الجدد المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط و المبني على حماية الكيان الصهيوني أولاً و تأمين إمدادات النفط ثانياً ابتداءً بحرب العراق الأولى عام 1991م و انتهاءً (كما أتمنى) بحرب العراق الثانية عام 2003م. يبقى تأثير ذلك على أسعار البترول خلال هذا العام و ما سوف تسببه هذه الأحداث الجيوسياسية من ارتفاعات - قد تكون غير مسبوقة- في الأسعار و الذي سوف يكون سلبياً جداً على الاقتصاد العالمي و ذلك لتأثيره السلبي على نمو الاقتصاد العالمي الذي شهد نمواً خجولاً جداً خلال عام 2011م و الذي من المتوقع أيضاً استمراره على نفس المعدلات أو انخفاضه قليلاً خلال 2012م متأثراً بالمشاكل المالية في بعض دول الاتحاد الأوروبي و ازدياد احتمالات سقوط اليورو. و يبقى أيضاً الجواب على عدة أسئلة مطروحة في الكثير من المنتديات الاقتصادية و مراكز الأبحاث و الدراسات البترولية العالمية بما فيها: هل يتحمل العالم و الاقتصاد العالمي حرباً جديدة في هذه المنطقة الإستراتيجية المُتخمة بحقول و ناقلات النفط؟ و هل يستطيع العالم بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضمان أمن الإمدادات النفطية في الخليج العربي و منع إيران من إقفال مضيق هرمز, و هل يمكن تأمين خطوط إمدادات جديدة لنفط الخليج, و ما هو مدى تأثير هذه الحرب على اقتصاديات دول المنطقة و بالأخص دول مجلس التعاون الخليجي, و من سوف يتحمل نفقات هذه الحرب؟ الحقيقة أن هذه الأسئلة لا يوجد لها أجوبة سهلة و ربما تبعاتها السلبية - لو قدر الله حدوث هذه المواجهة - سوف تستمر على مدى طويل جداً قد يزيد عن فترة الآثار السلبية لحرب العراق الأولى و الثانية. و لا يسعني في هذه الكلمة إلا أن أدعو الله العزيز القدير أن يحفظ هذه المنطقة و هذه البلاد من كل شر و يُديم عليها أمنه و نعمه الكثيرة اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين.