ما بين النفي الرسمي وتأكيد أهم وكالة أنباء روسية (وكالة أنتر فاكس) يتأرجح الموقف الروسي من الوضع في سورية. أنتر فاكس ذكرت قبل يومين وصول سفينة إمداد روسية تحمل وحدة من قوات مشاة البحرية الروسية لمكافحة الإرهاب إلى ميناء طرطوس السوري. وزارة الدفاع ومن خلال نفس الوكالة نفت ذلك الخبر، مصادر وزارة الخارجية الروسية أوضحت أن السفينة متواجدة فعلاً في الميناء السوري للمساعدة (إذا تطلب الأمر) في إجلاء المدنيين الروس من سورية. المعارضة السورية أكدت وصول السفينة الروسية ونشرت المواقع التابعة لها مقاطع عن وصول (المارينز الروسي) والتي تظهر اسم (مكافحة الإرهاب) على ظهورهم، وأن هذه الوحدة المتخصصة في مواجهة المظاهرات وفض التجمعات لا تعد من قوات الإسناد التي تساعد في جلاء المواطنين الروس وأنها قوات متخصصة في مواجهة انتفاضات الشعوب، وأنهم جلبوا أسلحة ومعدات عززوا فيها آلة القمع السورية...!! هذا التناقض في ثلاث روايات، إلا أن الجامع لها هو تواجد قوات روسية فعلاً في الميناء السوري سواء لجلاء الروس أو للمشاركة في عمليات القمع التي يمارسها جيش النظام السوري، وهو يجعل المراقب والمحلل الإستراتيجي يقارن بين نظريتين وهما: 1 - إما أن هذه القوات المتخصصة وصلت إلى سورية كنواة لتشكيل قوة دولية مسلحة تعمل ضمن قوة المراقبين العسكريين وتقوم بمهام حراسة ممرات إيصال المساعدات الإنسانية وهما ضمن ما اقترحه الموفد الأممي - العربي كوفي عنان. 2 - أو أن هذه القوة متخصصة في مواجهة التظاهرات وخبيرة في قمع الانتفاضات الشعبية، وهو ما يمثل تطوراً سلبياً خطيراً من خلال مشاركة إحدى الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، لتصبح روسيا مثلها مثل إيران والمليشيات الطائفية العراقية وحزب حسن نصر الله اللبناني المشاركين في قتل الشعب السوري، وهذا ما سيدفع الدول التي تعمل على حماية الشعب السوري كالدول العربية وتركيا وأصدقاء سورية إلى التدخل هي الأخرى، وتتجاوز حالة التردد التي رافقت مواقف هذه الدول، سواء لتقديم الأسلحة والمعدات العسكرية للجيش السوري الحر، أو حتى البدء في التنفيذ الفعلي بإقامة مناطق آمنة على الأرض السورية. وفي حالة تأكد وصول القوات الروسية إلى ميناء طرطوس كتدخل عسكري لصالح النظام السوري، واتخاذ خطوات مضادة في الدول العربية وتركيا وأصدقاء الشعب السوري، تكون الأزمة السورية قد دخلت فعلاً مرحلة الفعل العسكري الدولي الذي كان متستراً عليه لصالح النظام السوري من خلال التواجد الإيراني والطائفي العراقي واللبناني، ليصبح التدخل العسكري على المكشوف.