في الصحافة الأمريكية «تسريبات»، تتحدث عن صعوبات التدخل العسكري في سوريا في العام 1990م، مثلما قرأ العالم وسمع، أيضاً، مثل هذه التسريبات، بشأن التدخل في البوسنة وكوسوفو. «الواشنطن بوست» الأمريكية، نسبت إلى تقارير مستقاة من مصادر رفيعة المستوى أن النظام السوري يمتلك منظومة دفاعية جوية معقدة، ولديه نحو 330 ألف جندي، من الصعب «الانتصار!» عليهم. بررت مصادر «الواشنطن بوست» بأن التدخل العسكري الأمريكي قد يدفع الأوضاع في سورية إلى «حرب أهلية»، ويُورّط الولاياتالمتحدة في حرب مع إيران، وربما مع روسيا!؟ ورغم «الصعوبات» التي تتحدث عنها واشنطن، لا بد من تذكيرها بالسهولة التي استطاعت فيها إسرائيل اختراق الدفاع الجوي السوري مرتين: الأولى إبان غزوها لبنان، عام 1982م، والثانية في عام 2007م عندما قصفت المفاعل النووي في دير الزور السورية. من السذاجة أن تتحدث واشنطن عن أن الدفاع الجوي السوري يُشكّل عقبة أمام أكثر جيوش العالم تقدماً وقوة؟ واضح أن المواقف الغربية بعامة، والأمريكية بخاصة، اتسمت، في الآونة الأخيرة، بلهجة مُتخاذلة. بعد أكثر من عام على اندلاع الثورة السورية، ما زلنا نسمع من يقول في واشنطن، في تخاذل فاقع، إن أيام بشار الأسد أضحت معدودة. واضح أيضاً أن الوضع السوري ليس اليوم على رأس الأولويات الدولية، مع واشنطن التي تتوزع مروحة اهتماماتها وفق همومها الاقتصادية، وتلفّ إلى الصين وأفغانستان وباكستان، وتربط بالشرق الأقصى ملف إيران. ولا مبرر للأمل، في رصد الأفق القريب، ببوادر تغيير سريع تطرأ في موقف روسيا، التي لا شك أنها تبحث تحت الطاولة عن الثمن المناسب، فهي لن تبيع رخيصاً موقفاً يحفظ لها نفوذها ويُعزّز وضعها في المنطقة.. لكن اللافت توقيع موسكو، أخيراً، اتفاقاً مع إسرائيل لما سُمّي بتأطير التعاون العسكري، الذي يُعتبر أحدث مؤشرات تدعيم العلاقات بين البلدين، ما يتيح للجيش الروسي شراء أحدث أسلحة وتكنولوجيا عسكرية إسرائيلية متقدمة، لا أحد يعرف، غير تل أبيب وموسكو، أين ستُستخدم ولمن ستُجيّر مفاعيلها، طالما أن الدولتين ما زالتا تتمسكان ببقاء النظام العلوي الأقلوي في سورية. ويبقى حوار الطرشان المتخاذلين سائداً، يستمدّ منه النظام العلوي همجية جديدة. حين يقرأ المرء قصة طوفان نوح، يشعر بمتعة القص والحكاية، ولكن في التسونامي السوري، المُرتقب، هناك مشهدية العدم، أو اللحظات الراعبة التي تُهدد المنطقة بما لا يقل عن الفوضى الدموية، لعشرات السنين.