ومشعل الذي أعنيه هنا هو الصديق الرائع والكاتب الأروع والساخر (المروّع) - لا روّع الله لكم قلباً - هو مشعل السديري ما غيره. أما (الغميش) فهي مفردة موغلة في القِدم قد لا يعرفها جُل القراء وكل الزملاء لأنها مفردة (شمالية) بحتة، أو بالأحرى (عنزية) محضة، أما لماذا أقول ذلك؟ فلأن الصديق إياه كثيراً ما يستخدم مفردات شمالية شبه منقرضة مثل كلمة (تورشع) التي أضحكتني كثيراً بعد (غمّ) قليل. إذْ قال مشعل - لا فضّ فوه ولا عاش حاسدوه ولا (ناش) حاقدوه - وفي مقالة سابقة له: (أنا أكره الكلاب وذلك لأنني في الصغر «تورشعني» كلب أجبع كاد أن «يشلع» قلبي من الخوف). أما سبب ضحكي أنا، فلأنني كثيراً ما تعرضت لهذه (الورشعة) حتى أصبح لي (قرشعة) والورشعة هي أشد من الهجوم وأقل من العض، أما (القرشعة) فهي من (القرشة) أي الهرب الذي يصاحبه صوت أو الوقوع مع الدلو في البئر وانهدام طية البير، وهذه الحالة يعرفها الأستاذ مشعل جيداً، لكنني لا أعرف كيف عرفها حفيدي الصغير «سليمان» وهو ابن السابعة من العمر، إذ حاول يوماً أن يخاتلني ليسرق هاتفي الجوال لكي يمارس الألعاب الإلكترونية فيه مع أنني إلى الآن لا أعرف إلا كيف أرسل منه وكيف استقبل ليس إلا. أقول حينما حاول الصغير (حيافتي) من خلال المخاتلة، صهلت عليه صهلة مدوّية فزع منها قلبه الصغير فقالت جدته (وش بلاك فضخت قلب الورع). فقلت لها: (إنه لص صغير). فقال الطفل لا والله يا جدتي لقد (تورشعني) وأنا لم أعمل شيئاً(!!). وهنا انخرطت بالضحك لأنني تذكَّرت أن هذه المفردة المنقرضة لم يعد يستعملها اليوم سوى مشعل السديري وحفيدي أياه - ما علينا من ذلك كله. ولكن الذي علينا الآن هو أنني ذات يوم من أيام معرض الكتاب الأخير، وبعد أن قرفت تماماً من الكتب التي تمجد (الربيع العربي) الذي أصبح في عيني (غميشاً) أسود بسبب ما تمخض عنه من هيمنة أحزاب (جاهلة) لا تقل عنفاً عن الأنظمة الزائلة. والغميش لمن لا يعرفه هو العشب الجاف الذي ينمو من الربيع إلى الربيع وحينما تهطل الأمطار وينمو عشب جديد أخضر يتحول العشب الأول إلى اللون الأسود ويهيمن بسواده على العشب الجديد! ومن هنا فإنني قرفت من التحليل والتأويل مثلما قرفت من بعض الروايات التافهة التي ضحك فيها (بعض) الناشرين العرب على ذقون (بعض) بنات المملكة وطبعوا لهن أعمالاً رثة لمجرد أن ترد فيها جمل ذات إيحاء جنسي رخيص أو شتائم اجتماعية (صَفقِة)!! لذلك رحت أبحث عن الكتب الساخرة، بل حتى المضحكة لأن (شرَّ البلية ما يضحك)، فعثرت على كتاب بعنوان (أقوى الضحكات) للكاتب المصري علي سالم فاشتريته ناسياً أن (علي سالم) كان أول الكُتّاب العرب الذين زاروا إسرائيل بعد كامب ديفيد..! وعجبت كيف لم يقاطع هذا الكاتب مثلما تقاطع البضائع الإسرائيلية (!!) مع أنني ضد مقاطعة الفكر إلا بعد الاطلاع عليه واستيعابه وفهمه فهماً جيداً. ولكن علي سالم لا يملك - أصلاً - أي فكر (بالمرة!). المهم أنني رحتُ أقلِّب الكتاب ورأساً ما (دبل كبدي) ف(شحته) بعيداً عني (وعنكم أيضاً). وبالصدفة تناولت جريدة الشرق الأوسط ورحت أقرأ زاوية الصديق مشعل السديري فضحكت ملء القلب وقلت ملء الفم: ((مشعل يا بعد علي سالم مقالتك تسوا إكتابه هو (غلس) ثم مفتري وظالم وحادي وما في جعبته جابه وأسلوبه تهريج (عوالم) يشعوذّن في سوق إمبابه وكتابتك ما بها ثالم متفردة ولا لها مشابه والسخرية بحاجه ال(عالم) تضحك وتبكي من أسبابه)) يبقى القول أخيراً، آمل أن (لا تشوحوا) زاويتي هذه إذا ما سببت لكم (دبل كبد) هي الأخرى!