نعيش في عالم مفتون بالمواهب يبدأ افتتانه بهوليوود ويصل إلى شركات البحث عن المدراء التنفيذيين وأقسام الموارد البشرية... الجميع في العالم يبحث عن هذه الخلطة المميزة التي تجمع بين القدرة الطبيعية والسلوك وتطلق شرارة الأداء. وتحتوي هذه الخلطة على مكوّن أساسي هو الشغف، أو ما يدعوه علماء النفس بالدافع الذاتي. فبغياب هذا المكوِّن، لن تثمر أي موهبة مهما كان حجمها الأداء الرائع المنتظر. وكنا على مدى 35 سنة نستكشف كيفية تأثير التحفيز في الإبداع. وفي دراسات شملت مجموعات متنوّعة بين أطفال وفنانين محترفين وباحثين في مجال المعرفة، توصلنا إلى أنّ الأشخاص يزيد إبداعهم عندما يزيد في المقابل دافعهم الذاتي بشكل كبير، وذلك، نتيجة الاهتمام أو الرضا أو الحس بالتحدي الشخصي في أعمالهم. وبصفتكم مدراء، بإمكانكم الاستفادة من هذا الرابط بين الشغف والإبداع من خلال اتباع المبادئ التوجيهية هذه: قوموا بالتوظيف مستندين إلى الشغف بقدر استنادكم إلى الموهبة. احرصوا على التعرّف عن كثب وقدر الإمكان إلى مرشحيكم للمراكز المهمة قبل فترة طويلة من توفّر فرصة شاغرة لهم. فعندما تتحدثون إليهم، استفسروا عن سبب قيامهم بعملهم وعن وظيفتهم الحلم. ابحثوا عن البريق في عينيْهم عندما يتكلمون عن عملهم وحاولوا تلقف هذه الرغبة العميقة لديهم بتحقيق ما لم يسبق أن تم تحقيقه من قبل. احرصوا على تغذية هذا الشغف. أهم ما يمكنكم القيام به لتحفيز الدافع الذاتي هو دعم تقدم الأشخاص في العمل الذي يستحوذ على شغفهم. هذا هو مبدأ التقدم، وينطبق حتى على حالات الفوز الصغيرة ظاهرياً. لا توفروا جهداً في إزاحة العراقيل من أمام حسّ التقدّم لدى الموظف وامنحوه الحرية لتحقيق أهدافه. راجعوا أنفسكم. إن لم يكن لديكم شغف بعملكم، فسينتهي بكم المطاف في تخييب ظن أنفسكم وجميع من يعتمد عليكم. ومن المستبعد أن تتمكنوا من تطوير أفضل مهاراتكم. وأذكر على سبيل المثال ستيف، وهو مصوّر نهِم للمشاهد الطبيعية. وكان أحد معلّميه، المصوّر كريغ تانر، قد علّمه وعلّمني أيضاً أموراً جمّة عن الرابط بين الشغف وتطوير المهارة. وفي مقال كتبه بعنوان «أسطورة المهارة»، يكتب تانر أن «الممارسة المركّزة والطويل الأمد التي تدفعها طاقة الشغف قدماً... تؤدي إلى تحولات رائعة. فها هو المبتدئ المتلعثم يتحوّل إلى خبير رفيع الشأن. وها هو السجين والكئيب يتحوّل إلى حرّ وصاحب سلطة». اسألوا أنفسكم: هل الشغف بعملي يحرّرني ويمنحني سلطة؟ هل المحيطون بي كذلك؟ (*) (تيريسا أمابيل هي أستاذة في إدارة الأعمال في كلية الأعمال في جامعة «هارفرد». ستيف كريمر هو عالم نفس وباحث مستقل. اشتركا في وضع كتاب بعنوان «مبدأ التقدم» (The Progress Principle).