تعد الحوسبة السحابية (Cloud Computing) من التوجهات القوية التي برزت في عالم تقنية المعلومات خلال السنوات الأخيرة. والمقصود بذلك هو الاستفادة من الموارد التي توفرها شبكة الإنترنت، التي يسميها المختصون في تقنية المعلومات السحابة. وأهم هذه الموارد السعة التخزينية التي توفرها بعض المواقع المتخصصة. وقلما تحضر مؤتمراً عن تقنية المعلومات ولا تسمع فيه شيئاً عن الحوسبة السحابية. ورغم أن الجمهور المستهدف بشكل رئيس من الحوسبة السحابية هو بلا ريب قطاع الأعمال والقطاع الحكومي إلا أن قطاع الأفراد هو الأسرع إلى استخدامها، خاصة مع التحول السريع من استخدام الحواسيب الشخصية والمحمولة إلى استخدام الجوالات والأجهزة اللوحية (Tablets)، وساهم هذا التحول في الاعتماد بشكل أكبر على الحوسبة السحابية؛ نظراً إلى أن الجوالات والأجهزة اللوحية ليس لديها حيز تخزيني كبير, كما أنها متصلة تلقائياً بالإنترنت؛ وبالتالي يمكنك مثلاً أن تحضر ورشة عمل أو مؤتمراً أو أن تكون في سفر وتلتقط عدداً من الصور بجهازك الجوال - ولنفرض أنه يعمل على نظام تشغيل (أندرويد) - ثم ترسل تلك الصور تلقائياً إلى حسابك في جوجل, ويمكنك بعد ذلك مشاركة تلك الصور مع أصدقائك في شبكتك الاجتماعية أو إعداد عرض باستخدام البرنامج المماثل لبور بوينت الذي توفره شركة جوجل. ومن الشركات المشهورة في هذا المجال (Dropbox) وشركة (Apple). كل هذا جميل.. خاصة أن ذلك كفانا عناء حفظ نسخ احتياطية من تلك البيانات، التي ينمو حجمها بشكل مخيف، والتأكد من إجراء نسخ احتياطية بشكل دوري، ولكن حدث ما يعكر الصورة السابقة، ففي التاسع عشر من يناير أغارت - بشكل منسق - أجهزة حماية النظام في عدد من الحكومات على مقار موقع إلكتروني يسمى (Megaupload)، وصادرت ممتلكات الموقع, واعتقلت مديري الموقع، بمن فيهم مالك الموقع, بحجة أن الموقع ينتهك قوانين حماية الملكية الفكرية؛ لأنه يسمح لمرتاديه بنشر مواد خاصة (الأفلام والموسيقى) محمية, وفي هذا انتهاك لحقوق صانعي تلك المواد. كما أن الحكومة الأمريكية أخرجت الموقع الإلكتروني برمته من شبكة الإنترنت؛ وبالتالي تعذر وصول الناس إليه. والموقع المذكور - لمن لا يعرفه - أحد مواقع مشاركة البيانات؛ فيمكن لمرتادي الموقع تحميل ملفات وإعطاء الآخرين حق الوصول إليها إذا أراد ذلك. كما أن الموقع يوفر نوعاً من الحوسبة السحابية, بتمكين مرتاديه من تخزين معلوماتهم الشخصية مثل: ملفات العمل والصور والفيديو وغيرها في الموقع؛ وبالتالي يمكنهم الوصول إليها من أي مكان في العالم دون الحاجة إلى حفظها في أجهزتهم الشخصية. لقد تركت الغارة على أصحاب المعلومات الشخصية المخزنة في موقع (Megaupload) عاجزين عن الوصول إلى ملفاتهم الشخصية، وستدخل قضية محاكمة ملاك الموقع وموظفيه في دهاليز البيروقراطية النظامية؛ حيث سيفضح المحققون كل محتويات ذلك الموقع، ويحددون حجم انتهاك قوانين حماية الملكية الفكرية؛ ليحددوا بالتالي قائمة الادعاء ضد ملاك الموقع والعاملين فيه. وإذا سارت الأمور على هذا النحو فمن المرجح ألا تُعاد الملفات الشخصية إلى ملاكها في القريب العاجل؛ ما ينزل بهم ضرراً كبيراً. وهناك مشكل آخر.. فإن الحجة التي استُخدمت للغارة على موقع (Megaupload)، التي هي انتهاك قوانين حماية الملكية الفكرية من قِبل مرتادي الموقع, يمكن أن يُتذرع بها مستقبلاً لإغلاق مواقع مشابهة، خاصة أن الكونجرس الأمريكي ينظر في مقترحين (SOPA) و(PIPA) اللذين يخولان الأجهزة الفيدرالية الحق في إغلاق موقع ما إذا وضع أحد مرتاديه فيه رابطاً إلى مادة منسوخة أي مُنتَهكة الحقوق. هناك من يقول إن الحكومة الأمريكية اختارت أن تغير على موقع (Megaupload) دون غيره من المواقع التي تقدم خدمات مشابهة؛ لأنه رفض السماح لها بالنظر في ملفات العملاء الشخصية دون تقديم الحكومة أمراً قضائياً بذلك، بينما تسمح المواقع الأخرى للحكومة الأمريكية بالاطلاع على ما شاءت من معلومات العملاء الشخصية دون طلب أمر قضائي. ومهما كانت الحال فإن الدرس المستفاد من الغارة على موقع (Megaupload) هو أن الأخطار المتعلقة بالحوسبة السحابية كبيرة, ولم تتضح جميع معالمها بعد، مطيلة أمد الجدل المحيط بها. - استشاري أمن المعلومات وإدارة مشروعات