على ضوء التقلبات الاقتصادية العالمية اليوم، يُعاد النظر في كلّ جانب من جوانب الأعمال بالاستناد إلى قدرته على استحداث نموٍّ مدرٍّ للأرباح والحفاظ عليه. عملتُ شخصياً في قطاع الموارد البشرية لمدة خمسةٍ وعشرين عاماً وقضيت السنوات الست الأخيرة منها في شركة «نيويل روبرمايد» (Newell Rubermaid)، ولذا، لا أرى في المسألة تحدياً جديداً. وعلى امتداد مسيرتي المهنية، واجهتُ التساؤل نفسه: «كيف يمكن للموارد البشرية أن تضفي قيمةً فعليةً على الشركة؟» وفي العديد من الحالات، لم يكن التساؤل يُطرح بطريقةٍ لبقة. وما يزيد صحة هذا التشكيك وسائل التكنولوجيا الجديدة القادرة على مكننة العمليات الروتينية ومؤسسات الخدمات المشتركة والمتخصصة في إدارة العديد من العناصر التكتيكية للموارد البشرية. ويذكر أنّ جهات الإمداد من الخارج تتولى تطبيق الوظائف الأساسية للموارد البشرية على غرار جدول الرواتب، والتعيين والاستخدام، وغالباً بكلفةٍ أدنى وجودةٍ أعلى مما لو تولّتها الشركات بنفسها. وفي عالمٍ يزخر بطرقٍ أدنى كلفة لتنفيذ المهام التقليدية للموارد البشرية، هل أمست الموارد البشرية قديمة الطراز؟ من الممكن أن تستمر الموارد البشرية بتأدية دور مهم وبارز في أي شركة. والعامل الأساسي بالنسبة يكمن في مساهمتها في بناء القدرة المؤسساتية. وهذا الدور لا يمكن مكننته كما لا يمكن التحكم به من الخارج أو تلزيمه لأشخاص من الخارج هو ينبثق عن معرفة معمّقة في استراتيجيات الشركة المعنية وقدراتها. ففي النهاية، تُنفّذ الاستراتيجيات جميعها من قبل أشخاص –يحتاجون إلى تدريبات وتجهيزات تمكنهم من تنفيذ رؤيا الشركة. ونحن، في «نيويل روبرمايد»، نجحنا في التوصل إلى توافق بين كبار القادة لدينا على أنّ الدور الرئيسي للموارد البشرية يقضي ببناء القدرة المؤسساتية التي من شأنها دعم تنفيذ استراتيجية أعمالنا. وإشارة إلى أنّ قادتنا متحمسون جداً حيال هذه النقلة بحيث أعربوا عن رغبتهم في أن يقوم قسم الموارد البشرية بتطبيق النموذج الجديد في أقرب وقتٍ ممكن. إلا أن مثل هذه التغيرات لا تحصل بين ليلةٍ وضحاها – بل تستغرق وقتاً. وعليه، ومن أجل المساهمة في إحقاق هذه النقلة، حدّد فريق الموارد البشرية لدينا المهارات المطلوبة في كلّ وظيفة داخل الشركة وعمل على إدراك الثغرات بين الموقع الذي نحن فيه اليوم والموقع الذي نرغب ببلوغه في المستقبل. كما بدأنا بإرساء عملية تطوير طويلة الأمد من أجل شركائنا في الموارد البشرية لتلقينهم كل شيء من الشؤون المالية الأساسية وصولاً إلى التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة. وها نحن نستخدم التكنولوجيا للتخفيف من عبء الأعمال الروتينية الملقاة على عاتق الموارد البشرية حتى يتمكنوا من التركيز على بناء القدرات. ففي النهاية، لا يكمن هدفنا في استبدال فريق الموارد البشرية لدينا بأشخاص جدد أو تكنولوجيات جديدة، إنما في تلقين هؤلاء المهارات الضرورية لتولي دورهم الجديد وسط بيئة الأعمال غير المستقرة اليوم. (برايان هولتس هو نائب رئيس قسم تطوير الأشخاص والتنظيم العالمي لدى شركة «نيويل روبرمايد»).