يقدم لنا الفيلم قصة شاب متعهد قيادة السيارات في مشاهد خطرة خاصة بأفلام السينما، نجد دائما أن الموت قريب من هذا الشاب، ولكننا نجده هادئاً بطبيعته، متماسك الأعصاب حتى أمام أعقد الظروف، يفتتح الفيلم بمشهد شبه صامت لمهمة تبدو سهلة في بداية الأمر لهذا الشاب وهو على وشك الانتهاء منها ولكن الأمور تتعقد بعد اشتباه الشرطة بسيارته، ما جعله يقرر الفرار بطريقة ذكية وتحت إخراج فني رائع وخلفية موسيقية مناسبة للمشهد لتجعله أكثر قوة وتماسكاً. يلتقي الشاب بأحد مالكي ورش السيارات الذي يعده بمهمة قد تدر عليه المال ولكنها صعبة التنفيذ، الأمر الذي يجعل هذا الشاب متردداً كثيراً لقبول تلك المهمة المستحيلة خصوصاً بعد شكوكه بأن تلك العملية قد تجعله متورطاً مع عصابات مخدرات لا يمكن الخروج من مستنقعهم بسهولة. يتعرف هذا الشاب لاحقاً على سيدة لتنشأ بينهما علاقة قابلة للتعقيد وسط الظروف الصعبة التي يمر بها خصوصاً مع قبوله تنفيذ العملية التي قد تجره لعالم العصابات القذر. الفيلم يقدم نفسه كواحد من أفضل أفلام العام 2011، فقد حقق جائزة هامة ومعتبرة وهي أفضل إخراج سينمائي في مهرجان كان لهذا العام، وصنفه الناقد ريشارد روبر كواحد من أفضل عشرة أفلام لهذا العام. ويقع الفيلم في مقدمة الأفلام التي رشحها نقاد الولاياتالمتحدة عن العام 2011، ويبرز المونتاج والتصوير السينمائي والموسيقى والأداء التمثيلي والإخراج بشكل عام كأقوى الأوراق التي تدعم الفيلم في المنافسة على جوائز هذا العام. المخرج نيكوليس ريفن يقدم نفسه كاسم واعد لمخرجين السينما الشباب الواعدين، فعلى الرغم أن عمره لم يتجاوز الواحدة والأربعين عاماً إلا أنه قدم فيلماً بنفس سينمائي أصيل وبرؤية فنية شكلية معتبرة تنافس زملائه من المخرجين ذوي الخبرة من كبار السن، مثل كلينت ايستود وستيفن سبيلبيرغ ومارتن سكورسيزي. كاتب النص الإيراني الأصل حسين أميني هو الآخر يقدم لنا أحد أفضل النصوص السينمائية أصالة من ناحية الفكرة التعقيد والأسلوب، حتى بناء الشخصيات في النص كان مثالياً، فليس هناك أي نقص في بناء الكاركترات في الفيلم، وهناك تنسيق في توزيع الأدوار بشكل ملفت. السرد السينمائي وعنصر التشويق كان قوياً مشكل مدهش، الأداء التمثيلي في الفيلم كان النقطة الأبرز والقوة التي رجحت نقاط الفيلم لدى تقييمه من النقاد هذا العام، خصوصا مع الممثل المساعد ألبرت بروكس الذي قدم نفسه بشكل رائع. تواجد ألبرت في السينما قليل، والجميع يتذكر دوره القصير جداً في فيلم مارتن سكروسيزي (Taxi Driver) بدور شخصية «توم» وسبق أن ترشح ألبرت في الأوسكار عن دوره في فيلم (Broadcast News)، ويعتقد أنه سيتم ترشيحه أيضا في هذا الفيلم لفئة أفضل ممثل ثانوي، بعد أن تلقى حتى الآن أكثر من عشر جوائز وترشيحات لهذا العام. الممثل راين غلوسينغ يقدم هو الآخر دوراً قوياً يضاف لسلسلة أدواره القوية في الأعوام الأخيرة ويضعه في مقدمة أكثر الممثلين الواعدين في السنوات الخمس الأخيرة، الممثلة كاري موليجان تقدم نفسها بشكل جيد ليضاف لسلسلة الأدوار الجميلة التي قدمتها هذا العام مع فيلم (Shame)، بالإضافة لأدوارها السابقة الرائعة في أفلام (Never Let Me Go مع An Education) يبقى القول بأن الفيلم حقق أكثر من ثلاثين مليون دولار على الرغم من عروضه المحدودة في فترة زمنية وأماكن محددة في الولاياتالمتحدة.