أثناء مطالعتي لعدد رسالة جامعة الملك سعود رقم 1079 وتاريخ 22-1-1433ه، استوقفتني جرأة الجامعة وثقتها بنفسها، حين عمدت بكل شفافية، إلى نشر مقال لمجلة ساينس الأمريكية، مع ترجمة حرفية للمقال، رغم ما حمله من تطاول على الجامعة، واتهامها صراحة بالرشوة والتزوير!، في استقطابها وتعاونها مع علماء عالميين، بحجة كسب وتوظيف سمعتهم في تحسين تصنيفها بين جامعات العالم. وأنا حقيقة لست من المختصين، ولم أكن في الماضي من المتابعين كثيراً للشأن الأكاديمي بالمملكة، لكنني أصبحت في الفترة الأخيرة أحرص بشكل عام على متابعة أخبار التعليم العالي ومؤسساته، وبصفة خاصة جامعة الملك سعود، لتواصلي معها، بالنظر لمساهمة أخي الدكتور ناصر حفظه الله، كواحد من أبناء هذا الوطن، المؤسسين في أوقاف هذه الجامعة، بتمويله سلمه الله، بناء برج من أبراج الجامعة، وكصاحب أربعة كراسي بحثية فيها، الأول لأبحاث الوقاية من المخدرات، الذي يهدف إلى الوقاية من المخدرات وحماية الشباب من خطر الإدمان، والثاني كرسي بحث رواد المستقبل الذي يهدف إلى اكتشاف المواهب العلمية لدى الطلاب وتنميتها وصقلها وإيجاد البيئة المواتية للإبداع والتميز، والثالث لأمراض القلب والرابع لأمراض العيون. تساءلت بعد ما فرغت من قراءة ذلك المقال، من هو صاحب المصلحة في الإساءة لجامعاتنا، والتقليل من شأنها؟!، وما هو وجه العيب حين تستعين جامعاتنا بخبرات عالمية مرموقة، لها اسمها وحضورها العالمي، في مسعاها لنقل واكتساب الخبرة، التي لا يمكن الحصول عليها إلا بهذه الوسيلة، أو بابتعاث المزيد من أبنائنا وأساتذة جامعاتنا إلى جامعات عريقة لينهلوا منها ويعودوا إلينا بخبرات ومهارات جديدة، يوظفوها في النهوض بمستوى التعليم ببلادنا، رغم الآثار الجانبية للابتعاث، وما يتركه من تأثير على فكر بعض المبتعثين، في ضوء ما قد يمارس عليهم من إغراءات تصل إلى حد المضايقة والتهديد، وربما تنتهي ببقاء المبتعث حيث ابتعث وعلى غير رغبته!! حتماً صاحب المصلحة في تقزيم منجزات ومستويات جامعاتنا هو من تضرر من نهوضها، وتقدمها المبهر في ميادين السباق العلمي والبحثي، فهل تكون هذه الجهات المتضررة من أخذ جامعاتنا هذا المنحى كاتجاه أمثل لنقل الخبرات واكتسابها، قد أضرت بمصالح الآخر الذي كما يبدو يفضل أن يظل الابتعاث هو الوسيلة الوحيدة في هذا الشأن؟! إن غالبية إن لم يكن كل جامعات العالم تجتهد وتتنافس في استقطابها للعلماء المشهورين، لتحسين أداء أقسامها وبرامجها، ودرجة تصنيفها بين جامعات العالم، والجامعات الأمريكية نفسها تلجأ إلى هذه الآلية، فلماذا حلال لهم وحرام علينا؟ وما العيب في أن تتبع جامعاتنا ذات الطرق التي تتبعها كل جامعات العالم لتحسين مستوى أدائها والنهوض بأبحاثها وتطعيمها بالخبرات العالمية؟! لقد قامت الدنيا ولم تقعد، وانبرت هجمة شرسة على جامعاتنا، وخاصة جامعة الملك سعود عندما، جاء ترتيبها عام 2006م من بين 300 جامعة في تصنيف وبومتركس 2910، وتبارت الأقلام آنذاك في نقد الجامعة وتخلفها عن المراكز المتقدمة في التصنيف، بالنظر لما يتم صرفه عليها بسخاء، واستؤنف النقد وعلى أشده مرة أخرى، حين لم يذكر للجامعة اسم ضمن تصنيف شنجهاي لأفضل 500 جامعة من جامعات العالم عام 2008م، وقد تفهمت كغيري في حينها المبررات والدوافع الوطنية لتلك الهجمة على جامعاتنا، لكن الذي يغيظ أنه عندما وضعت جامعة الملك سعود لنفسها هدفاً طموحاً، وحشدت الطاقات، وهيأت الإمكانات وفق برامج وخطط مدروسة، لتأخذ مكانها المأمول، وصار ترتيبها 186 في تصنيف وبومتركس نفسه لعام 2010م، وورد اسمها في المجموعة التي ترتيبها بين 200 - 300، في تصنيف شنجهاي لعام 2011م.تشن عليها هذه المرة الحملة المغرضة من الخارج، للنيل من سمعتها، وهز صورتها والتقليل من شأن وأهمية ما حققته، بدعم سخي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، وتعزيز هذا الدعم بالقرارات الحكومية الخاصة بحوافز البحث العلمي. فهل اجتمع هذه المرة التشكيك مع الحسد، لتشويه الصورة الجميلة لمنجزات التعليم العالي في بلادنا، والمستويات المتقدمة التي بدأت مؤسساته تحققها كماً وكيفاً، وبعد ما قفز عدد جامعاتنا الوطنية لتكسر حاجز الثلاثين جامعة، بعد ما كانت إلى وقت قريب لا تتعدى ربع هذا العدد؟ ومن هو المستفيد من انهيار التعليم العالي والجامعات السعودية كما قال أحد الإخوة، لا قدر الله؟ غير أولئك الذين يطلقون هذه الحملات أو يروجون لها؟! أم أنها صارت معيبة على جامعاتنا استغلال الوفرة المادية لتحقيق أهدافها التربوية السامية، كما قال أحد العلماء؟!.