أجل فلتدمع عين الصحافة، وليطرف جفنها، وليخشع قلبها، وليقل أهلها: إنا لله وإنا إليه راجعون، وليستلهموا من الله الصبر، وليترحموا على صاحب قلم طالما أنار بمواده صفحات الصحف، وطالما ابتدع الابواب، وفتح المنافذ على إبداعٍ يسبق به، ليكون للصحافة السعودية نمطها الخاص، وشخصيتها المتميزة، التي تمثِّلها اسلاماً وعروبةً، وتفتحاً على عالم اليوم المتسابق، الراكض خلف مجالات الإنجاز والإبداع. أجل لتدمع عين الصحافة، وليطرف جفنها، وليخشع قلبها، على ابن بارٍ بها، مخلص لها، حانٍّ عليها، متفانٍ في سبيلها، زوّجها حياته, ووقف عليها جهده، وانقطع لها ومن أجلها, ووصل سببه بسببها، هي عشقه الأول، وغرامه المتناهي، وحبه المتنامي. كان الابن البار، هو الأستاذ الحبيب حسن بن عبدالحي قزاز، علماً عالياً في مجال الصحافة، والكتابة عما يعتقد أنه يعالج جانبا من جوانب المجتمع السعودي، ويخدم جوانب المصلحة العامة, تعددت المجالات التي طرقها، والمواضيع التي أبدى رأيه فيها، كان فيه صراحة لاتُحرج، وجرأة ليس فيها تهور، كان لا يعالج داء إلا بعد استقصاء وتمحيص، ولا يتطرق لأمر إلا بعد أن يقلِّب صفحات البحث فيه، مع حرص على معرفة وجهات النظر، لم يكن يتعصب لرأيه، وكان مستمعا جيداً لوجهات النظر، يتخلى عن رأيه بسماحة متى تبينت له قوة رأي آخر، فِعلَ الشجاع الذي يغلب نفسه قبل ان يغلب الآخرين. كان الحبيب حسن يعيش مقامه البارز في المجتمع، ويحافظ عليه في تصرفه، وفاء لما عرف عن أسرته من عراقة في المجتمع، ومساهمة في تعضيد أعمال الخير فيه وتلمس سبل رفعته، واعتلاء مكانه. كثيرة هي اجتماعاتي به، ولقد وجدت فيه عمق فكر، وتجربة ناضجة، وثقافة واسعة، ولمست تواضعه، وعطفه على الناشئين من الصحفيين، وأخذه بأيدهم، ومساعدتهم على ارتقاء سلم المجد، وإفساح المجال لهم، تُرَى كم من الأحياء البارزين في ميدان الصحافة اليوم أوطأ حسن له كتفه ليصعد عليه!؟ وكم منهم مدَّ له يمينه ليسلمه لمجد مؤثل في هذا الميدان؟ له على هؤلاء حقٌ اليوم في أن يقولوا: رحمه الله رحمة واسعة. سوف يبقى مكان حسن قزاز في الصف الأول خاليا إلا إذا أدى تلاميذه الأمانة، وحملوا الرسالة بحق، محافظةً منهم على مبادئه الصافية في العمل الصحفي وتلمساً لخطوط الإبداع كما كان يفعل، ولا إخالهم الا فاعلين، لأن النبتة الصالحة في الأرض الخصبة، تنبت الدوح، وتورق النبت، وتعطي الثمرة والفلاَّح في هذا المجال ماهر مخلص. رحمك الله أيها الحبيب، وأسكنك فسيح جناته، واعظم الأجر، وأحسن العزاء ومنّ بالصبر على أولادك وأهلك وأحبابك وأصحابك, وإنا لله وإنا إليه راجعون.