استمرت أمس تحت القصف الأمريكي العنيف مفاوضات الاستسلام بين القادة الأفغان ومقاتلي تنظيم القاعدة وأفادت أنباء ان عرب القاعدة ليسوا من بين الذين يودون الاستسلام. وقال محمد أمين أحد القادة الأفغان المناوئين لحركة طالبان: ان الطائرات الأمريكية قصفت أمس الاربعاء مخابىء جبلية يشتبه ان داخلها مقاتلين من تنظيم القاعدة في الوقت الذي تجرى فيه محادثات بشأن استسلامهم. وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس ان قاذفات أمريكية من طراز بي 52 شنت غارتين جديدتين على الأقل قبل ظهر أمس الاربعاء على مواقع لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن في تورا بورا في الجبال البيضاء. ولم تسجل أي معارك ميدانية على الأرض منذ الصباح وحتى الساعة 30:13بالتوقيت المحلي في حين يبدو ان المفاوضات مستمرة لاستسلام أنصار تنظيم القاعدة حيث أفادت محطة الجزيرة الفضائية ان الذين أبدوا الاستعداد للاستسلام هم من الأفغان وليسوا من عرب القاعدة. وخلافا لما حصل أمس لم تفتح القوات الأفغانية المحلية التي تحاصر المتطوعين الأجانب في القاعدة النار ويبدو ان الوضع رهن بنتائج المفاوضات بين زعيمي هذه القوات الأفغانية حاجي محمد زمان وحاجي حضرة علي. وأمس الاول الثلاثاء أعلن القائد زمان ان مقاتلي القاعدة المتحصنين في الجبال وافقوا على الاستسلام الاربعاء إلا أن هذه العملية لم تحصل صباح أمس الاربعاء. وأعلن أمين الناطق باسم حضرت علي أمس الاربعاء لوكالة فرانس برس ان مقاتلي القاعدة وضعوا شروطا لإلقاء أسلحتهم. وقال إن «مقاتلي القاعدة لن يستسلموا إلا بحضور الأممالمتحدة ودبلوماسيين من الدول التي يتبعون لها». وبعد ذلك أعلن حاجي ايوب القائد المحلي الموالي لحضرة علي للصحافيين في تورا بورا ان موفدين ارسلوا للتفاوض مع مقاتلي القاعدة في الجبال. وقال حاجي ايوب «لقد أرسلنا وجهاء» من القبائل المحلية. وأضاف عند قرابة الساعة 00:12 بالتوقيت المحلي «ما زال هؤلاء يتفاوضون» مع ممثلي القاعدة. وتابع «ليس لدينا معلومات بعد» حول سير المفاوضات. وردا على سؤال يتعلق بمواصلة القصف الأمريكي بالرغم من محاولات التفاوض مع تنظيم القاعدة قال إنه «يتم إلقاء القنابل من دون إذننا». إلى ذلك ذكرت شبكة التلفزيون الأمريكية «أي بي سي» مساء الثلاثاء ان أجهزة الاستخبارات الأمريكية تلقت تأكيدات عن وجود أسامة بن لادن في جبال تورا بورا (شرق) بعد التقاط مكالمات هاتفية خلال إلقاء قنبلة أمريكية الاحدالماضي. وقال الصحافي بيتر جينيكس من شبكة «أي بي سي» ان انفجار هذه القنبلة أتاح بالإضافة إلى التدمير الذي أحدثه «الحصول على طن من المعلومات» موضحا ان «اثره النفسي» أتاح أيضا الحصول على سيل من المعلومات الجديدة. وقالت الشبكة التي لم تفصح عن مصادرها انه في ظل الفوضى التي اعقبت انفجار القنبلة تم اعتراض سلسلة من المكالمات الهاتفية عبر الأقمار الاصطناعية أو عبر اللاسلكي مؤكدة رصد مكان وجود ابن لادن والمحيطين به. وأكدت الشبكة ان هذه المكالمات «أكدت بشكل واضح» ان ابن لادن والمحيطين به موجودون في المنطقة. وأشارت إلى انهم «كانوا يتواجدون في مكان قريب جدا من الانفجار وقد لاذوا بالفرار وأصيب بعضهم بجروح خطيرة». وكان البنتاغون قد أوضح مساء الثلاثاء ردا على سؤال انه لا يملك أي معلومات في هذا الخصوص. إلى ذلك قال قادة مناهضون لطالبان أمس الاربعاء ان قائدا عسكريا كبيرا من حركة طالبان الأفغانية يختبىء مع عدد غير معروف من رجاله في قرية خارج مدينة قندهار الجنوبية. ويختبىء حافظ ماجد الذراع الأيمن السابق للملا محمد عمر زعيم طالبان في سبيروان الواقعة على بعد نحو 35 كيلو مترا من قندهار ويسعى للحصول على ضمانات بأنه لن يقتل. وقال قائد موال لحامد قرضاي رئيس الحكومة الأفغانية الجديدة المؤقتة لرويترز في مدينة كويتا الباكستانية «انهم ما زالوا هناك.. أرسلنا بعضا من مشايخ القبائل للتحدث معهم وطلب حافظ ماجد منهم الحصول على بعض الضمانات أو رسالة من حامد قرضاي بانه لن يمسه أحد بسوء». وأشار قادة وسكان في قندهار إلى انه بعد خمسة أيام من تسليم طالبان لقندهار ما زالت المدينة متوترة في الوقت الذي يسعى فيه زعماء القبائل للحصول على نصيب من السلطة تحت قيادة حاكم المدينة الجديد جول اغا وترفض بعض جيوب طالبان ومقاتلي تنظيم القاعدة الذي يرأسه أسامة بن لادن تسليم أسلحتهم. وصرح قائد موال لجول اغا لرويترز أول أمس الثلاثاء ان ماجد احتفظ بالكثير من سياراته وأسلحته وانه يقود عددا غير محدد من الرجال المتحصنين في سبيروان والمستشفى الصيني في قندهار. وقال القائد الذي رفض نشر اسمه «حتى إذا استسلم ماجد لن يعفى عنه، سيقتله شخص ما». «هناك مرضى مدنيون داخل المستشفى ولا نعلم كيف يريد جول اغا التعامل مع هذا الأمر». وقال مصدر قريب من عائلة قرضاي إن رئيس الحكومة الأفغانية الجديد الذي تفاوض مع طالبان على تسليم قندهار أرجأ رحلته المعتزمة الثلاثاء إلى العاصمة كابول في الوقت الذي حاول فيه حل صراع على السلطة في قندهار وخلافات بشأن التجارة المربحة وطرق التهريب بين آسيا الوسطى وإيران وباكستان. وذكر شهود عيان ان مئات من مقاتلي البشتون المسلحين شقوا طريقهم إلى المدينة أول أمس في محاولة واضحة للحصول على نصيب من السلطة. وقال قائد موال لقرضاي إن البعض طلب من قرضاي المساعدة في حل الخلافات المحلية بينما طلب آخرون المزيد من الأسلحة مضيفا ان قرضاي قام باسترضاء بعض زعماء القبائل بمنحهم سيارات وأسلحة وسمح لكثير من قوات طالبان العودة لقراهم. وأضاف ان قرضاي استخدم مقر الملا عمر السابق مقرا له مشيرا إلى ان ما يتراوح بين 30 و40 جندياً وحارسا قبليا يرافقونه. ومضى يقول إن قرضاي يتفاوض أيضا مع حاجي بشار القائد المقرب من طالبان الذي احتفظ أيضا بأسلحته وسياراته في قندهار. ولم توضع أي خطط للقبض على الملا عمر المعتقد انه غادر قندهار واتجه إلى الجبال حول باغران الواقعة على بعد نحو 130 كيلو مترا شمالي قندهار. وقال القائد «إذا عثروا عليه فسيسلمونه للولايات المتحدة ولكننا لم نناقش هذه الخطط بعد». وأضاف ان العديد من مقاتلي تنظيم القاعدة من العرب يختبئون في قندهار وان بعضهم يتنكر في الأزياء العسكرية التي زودت الولاياتالمتحدة قوات جول اغا بها. وأضاف «انهم لا يقاتلون ولكنهم مختبئون أو يسيرون فقط في الشوارع ولكنهم يفضلون الموت على الأسر». ومن جانب آخر أعلن متحدث باسم وزير الدفاع في الحكومة الأفغانية المعينة الجنرال محمد قاسم فهيم لوكالة فرانس برس أمس الاربعاء ان التحالف يرى ان قوة أمنية دولية من ألف رجل تكفي لحماية مباني الحكومة الأفغانية الانتقالية في كابول. وقال المتحدث بارنا صالحي إن التحالف نقل موقفه هذا إلى ممثل الأممالمتحدة في أفغانستان الأخضر الإبراهيمي خلال لقاء معه صباح امس في كابول. وأضاف «ان الجنرال فهيم أبلغ الإبراهيمي بوجهة نظره بان قوة من ألف رجل ستكون كافية لضمان أمن الحكومة».