معلمي الفاضل لايخفى عليك اختلاف المفاهيم حول الكيفية التي تتم بها العلاقة بين المعلم والطالب، وعلى أي أساس هي قائمة.. فهي علاقة رسمية خالية من أي إنسانية عند البعض.. وعلاقة أبوية حانية عند البعض الآخر.. كنت أحد طلابك وكانت العلاقة بيننا وبينك علاقة أبوية حانية.. فتعلمت منك الكثير، تعلمت منك أن التدريس رسالة لا وظيفة فقط. تعلمت منك أن الطلاب أمانة بين يدي المعلم. فكم أب.. وأب وضع عقل ابنه في يد معلمه، وأعطاه الخيط الأول وأمل فيه أن ينسج في هذا العقل كل خير. تعلمت منك أن المدرس كبير في عيون طلابه، فكم طالب.. وطالب وضعه قدوة له. فينبغي أن لايريه إلا ما هو حسن. تعلمت منك توظيف المنهج في تربية النشء. فلم ألمس منك فصل المنهج عن التربية، أو الدوران حول النص العلمي دون توظيف دلالته الحاضرة والغائبة في تربيتي. تعلمت منك قبول رأي الطالب ولو كان كسيرا. فلم تطوق عقولنا بالحفظ في نقاط لا يفضل أن تحفظ. تعلمت منك زرع حب الطموح في نفوس الطلاب، فلربما يخرج من هؤلاء الطلاب من يعيد لهذه الأمة مكانتها في التاريخ. تعلمت منك جمال العبارة، ولين الكلمة مع الطلاب أكثر من القسوة والتجهم والشدة. تعلمت منك أن التوجيه والإرشاد ليس حكراً على مدرسي المواد الشرعية، أو المرشد الطلابي.. تعلمت منك أن كل نجاح للطالب هو نجاح لمدرسه.. وكل وسام يناله الطالب هو وسام لمن علمه. تعلمت منك أن أشعر الطالب أنه متوجه في كل صباح إلى مؤسسة علمية تربوية يسبح فيها بين رياض العلم وحدائق المعرفة.. لا إلى معتقل ينتظر الإفراج عنه بفارغ الصبر عند الظهر. تعلمت منك كسب ود الطالب ورضاه ليس بزيادة الدرجات لكن بما يقدم له من معلومات وتزويده بالمهارات، وإعداده للحياة. تعلمت منك أن الأمي هو الذي لم يتعلم كيف يتعلم الجديد.. فهو نسخة كربونية مكررة في كل سنة دراسية. فأنت يا معلمي مثال المطلع على كل جديد. معلمي الفاضل تعلمت منك الكثير ولازلت أتعلم. معلمي الفاضل إن هذه كلمات أرسلها من القلب إلى القلب عنوان وفاء ومحبة بمناسبة تقاعدكم. أسال الله سبحانه وتعالى أن يبارك لك في جهدك وفي حياتك المستقبلية. عبدالعزيز بن محمد الضبيب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية