رغم تواتر المستجدات من الأحداث العالمية حواليها، فلا خوف ولا وجل ان شاء الله على أمة تحتفل اليوم كما احتفلت بالأمس بعشرينية قائدها، فتؤكد الولاء لربها ثم البيعة لربان مسيرتها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه بل وعلى صدى ووقع ابتهاجها هذا تعلن بالأمس من احتفاء بالفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية، والتي تشمل كافة المجالات المعرفية والعلمية والانسانية. فمن حقنا ان يغمرنا الفرح في ظل مسيرة خير دأبها السير بنا قدما يملأ جوانحنا التطلع الواثق بالله نحو مستقبل مبهج وزاهر، ومن حقنا كذلك ان نطمئن، فمن أفضاله تعالى علينا ان قيض لنا قائدا أبحر بسفينتنا بكل امان عبر أخطر مراحل نزاعات شهدها العقد الاخير من القرن المعاصر، وبقدرته وتوفيقه تعالى فسنواصل مسيرتنا خلفه فلا تفتأ شواهد الاستقرار وعلائم الطمأنينة تشع علينا بأنوار الثقة واليقين، ناثرة الأمل في كياناتنا بردا وسلاما وأملا في الغد المنظور المشرق. وتحدث كل هذه الأفراح في خضم روحانية أشهر شهر في «روزنامة» الوجو د الانساني، بل أعظم ما أُنزل به الذكر الحكيم لينير مناطق الظلام في الارض نورا يهدي بسناه عالمين الارض. إننا الأمة التي بالعلم تحتفي بعشرينية مسيرة قائدها وبالعلم كذلك تخلد مآثر سيرة قائد راحل عظيم من كيانها لم يرحل، ذلكم هو المغفور له البطل فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، حيث تم بالامس كما ذكرت آنفا توزيع جوائز جائزة الملك فيصل العالمية، إكراما «لإنسانية» هذا الكوكب، واعترافا بجميل مستحقي الجميل من بني البشر، بغض النظر عن تباين الشعوب والقبائل، واختلاف المشارب والألسنة. فيكفي هذه الجائزة فخرا جمعها لفضيلتين: فضيلة الانبثاق من المحلية، وفضيلة الانطلاق في اجواء العالمية، مكرسة بذلك حقيقة عالمية ديننا العالمي العظيم، بل ان من فضائلها كذلك مزاوجة «المنح» هنا وهناك: ففي الوقت الذي تمنح فيه بيد أوسمة التقدير لجهود علماء العالم، تجدها كذلك تمنح بذات اليد أوسمة القدر والتقدير لعلماء المحلية، مؤكدة مرة اخرى ان العلم انساني، لا لفئة عن فئة، او لبشر عن بشر، فمن زرع حصد، وان يكن لدى الآخرين من العلماء من يستحق التقدير فلدينا من نظرائهم كثيرون ومثلهم كذلك بالتكريم جديرون، والدليل على ذلك منح جائزة خدمة الاسلام الى سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الامارات العربية المتحدة وحاكم الشارقة، وحقا فلقد احسن القائمون على امر هذه الجائزة اختيار هذا الرجل العامل بدأب الرجال، وصمت الكرماء، فللحق أقول في حق هذا الرجل إنه خير من يستحقها، فمن يطلع على سيرته الذاتية العلمية يعتقد ان لا وقت لديه لأي شيء آخر الا العلم، غير ان من يتمعن في جهوده الرائعة المبذولة في سبيل خدمة الانسان والاسلام لا يملك الا ان يظن ان لا وقت لديه للعلم، وما ذلك الا دليل مباركة علم وعمل ان شاء الله. ختاما، فيكفينا من مضامين احتفالنا بمسيرة قائدنا حفظه الله واحتفائنا بسيرة قائد في ذمة الله في خضم شهر فضيل، تأكيد ان نهج الصمت في فعل الجميل يُنطقه الجمال عرفانا وامتنانا، ولمَ لا؟ أوليس «من يفعل الخير لا يعدم جوازيه..؟».